نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

تربية: الجنوح عند الأطفال


داليا فنيش


ولدي يبلغ من العمر 5 سنوات. يأخذ أغراض غيره. كلّ يوم يأتي من المدرسة ومعه أقلام وأشياء ليست له. عندما أسأله: من أين لك هذا؟ يقول إنه أخذها من رفيقه. تحقّقت من الموضوع وتبيّن أنّه يأخذها من دون علمه. ماذا أفعل؟ وكيف أتصرّف معه للتخلّص من هذه العادة السيّئة، لأنّي خائفة أن تتملّكه؟

*سلوك يحتاج إلى الهدوء في المعالجة
إنّ الطفل ومن عمر 4 إلى 6 سنوات يمرّ ببعض التغييرات السلوكيّة الغريبة التي تحتاج للعقل والهدوء لمواجهتها. ولعلّ أبرز تلك السلوكيات ما يتحوّل بمرور الوقت إلى مشكلة، مثل لجوئه لإخفاء أشياء تخصّ الآخرين. فلا شكّ في أنّ بعض الأمهات قد لمس تلك الظاهرة، حين يخرج الولد من منزل بعض الأصدقاء وقد أخفى لعبة ليست له بين ملابسه، أو حينما تجد الأم نقوداً في جيبه، فتخاف من السلوك، وفي قمّة غضبها الشديد من تصرّفه تنهال عليه بالضرب والتوبيخ.

والواقع، أن الطفل يعرف أنّه قد ارتكب خطأً، بدليل أنّه ينكره ويكذب ليغطّي فعله. لذا، فاكتشاف هذا السلوك خطوة هامة في بداية العلاج خاصة إذا اعترف الطفل بنفسه، وبالتالي لا بدّ من التحاور معه بهدوء، والطلب منه عدم تكرار هذا الفعل.

*ما هو الجنوح؟
الجنوح هو انحراف سلوك كلّ طفل أو مراهق عن المعايير الاجتماعية السائدة بشكل كبير، وهو ما يؤدّي إلى إلحاق الضرر به أو بمستقبل حياته.

*الصفات التي يتميّز بها
الجنوح يعني أن تكون لدى الطفل حالة من:

1- عدم الاستقرار النفسيّ.

2- عدم القدرة على تنظيم طريقة إشباع الحاجات والرغبات كما يفعل الأطفال الأسوياء.

3- عدم احترام الوالدين ومصادر السلطة ومعاداتهما.

4- التصوّر السلبيّ عن العالم المحيط.

5- الميل للعنف والعدوان في الاستجابة للضغوط الأُسرية والاجتماعية بخلاف استجابة الأطفال الأسوياء.

*ما هي الأسباب التي تؤدّي إلى الجنوح؟
قد تكون أخطاء ناشئة من أسرته منها:

1- ضعف الوازع الدينيّ.

2- قلّة المراقبة والمتابعة.

3- رفقاء السوء.

4- المشاكل الزوجية.

5- غياب أحد الوالدين.

6- المعاملة السيّئة.

7- الفقر.

8- الجهل.

9- الحقد والانتقام ممّن حوله.

10- ضعف الروابط العائلية ممّا لا يتحقق معه ما ينشده من إشباع لحاجته للأمن والعطف والحنان والحبّ والانتماء والتقدير والنجاح، وهي من الحاجات الرئيسة.

11- شعور الطفل بالألم من شيء ما يحاول إخفاءه.

*المشاكل المرتبطة بالجنوح
يتعرّض الأطفال لأنواع متعدّدة من المشاكل المرتبطة بالسلوك منها: السرقة، الغشّ، الهروب من المدرسة، التخريب، الانطواء والكذب... إلخ.

ولا شكّ في أنّ كثيراً من هذه الانحرافات الاجتماعية يرجع إلى المواقف المحبطة التي يتعرّض لها الطفل في حياته اليوميّة. وهو ما يسبّب عنده الشعور بالاضطراب والقلق الذي يدفعه للتخلّص من هذا الشعور المتكرّر والمتراكم في نفسه بعد الفشل.

تجدر الإشارة إلى أنّ الجنوح قد يتحقّق بسلوك واحد منحرف أو خاطئ، وقد يتحقّق مجموعاً بعدّة سلوكات وانحرافات تشير إلى خطورة الجنوح لدى الطفل. وعلى الأهل رصد مظاهر الجنوح جيداً: كذب فقط، أو كذب وسرقة، أو استيلاء وعدم الخوف من العقاب إضافة إلى أذيّة غيره وعدوانيّة ظاهرة...

فإنّ تجمّع مظاهر الجنوح معاً يشير إلى سبب أو عدّة أسباب أصبحت جديّة.

*في العلاج
بعد رصد مظاهر الجنوح، يجب البحث عن السبب وإعادة النظر في أسلوب التعامل مع الطفل، الذي إمّا أنّه ينشد حناناً إضافيّاً، أو أنّه ضحية دلال مفرط... وقد تمَّ ذكر الأسباب سابقاً.

لكن الخطوة الأولى في العلاج هي تحديد السبب، والتعامل معه، لا التعامل معه مضافاً إلى السلوك المنحرف إلّا بتبيان أنّه سلوك خاطئ لا يناسب الطفل القيام به، وتشجيعه على تركه لأنّه تصرّفٌ سيّئ.

والخطوة الثانية هي فصل السلوكات بعضها عن بعض في حال كانت متعدّدة، فيتمّ التعامل مع السرقة على حدة، والكذب الذي هو نتيجة إخفاء ما سرق على حدة. خاصّةً أنّ علاج السبب سيؤدّي إلى علاج النتيجة.

*نصائح وإرشادات عامّة للأهل
1- إبعاد الطفل عن أصحاب السوء، والإعلام السيّئ مثل: القصص وأفلام الكرتون التي تتكلّم عن القتل والإجرام.

2- اهتمام الأب والأم، وإن كانا منفصلين، بالأبناء ومتابعتهم.

3- مصاحبة من هم في سنّه.

4- الاعتناء بالجانب الروحيّ والسلوكيّ بالإضافة إلى الجانب العلميّ التحصيليّ.

5- بذل الاهتمام من قبل المدرسة.

6- غرس المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية.

7- ردع ميول النفس عند الطفل، بعدم إشباع رغباته في الحصول على ما يريد بشكل دائم.

8- احترامه وتعزيز ثقته بنفسه.

9- عدم التمييز بين الإخوة.

10- تربية الأبناء على الوفاء بالوعد وحفظ السرّ والالتزام بالعمل والواجبات.

11- إعطاء الطفل الحرية دون أي تدخل بالمهام الموكلة إليه، سواء التدخّل إيجاباً أو سلباً.

12- تنمية روح الجماعة فيه مثل: الإيثار، التعاون، الشجاعة، المسؤوليّة، العقاب والثواب.

13- مساعدته في بناء هواياته.

14- قول الصدق أمامه.

الجنوح متعدّد المظاهر، وقد يكون سلوكٌ جانحٌ ما في بيئة كالسرقة والاعتداء أو السُباب، سلوكاً معتاداً في بيئة أخرى، لكنه يبقى مظهراً من مظاهر الانحراف التي يجب أن يتمّ التعامل معها عند صنّاع المستقبل.

على الأهل رصد هذه المظاهر، وتحديد أسبابها، خاصّة أنّ جُلَّ هذه الأسباب قد يكون نابعاً من سوء التعامل مع الأبناء وقلّة الرقابة عليهم، وانعدام الصداقة بينهم وبين أهلهم وانعدام التوجيه الواعي المكلّل بالعاطفة الأسريّة... أمّا مراعاة هذه الأمور فسوف تعالج كثيراً من مظاهر القسوة والعنف في الأبناء دون جهد وعناء.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع