نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

تهذيب النفس من أوجب الواجبات في القرآن



* النفس في القرآن:
بعدما كنا قد تعرفنا على حقيقة وجود الإنسان وان للإنسان بعدين: بعد مادي وآخر نفسي أو روحي، وقلنا إن الإنسان منا كونه له نشأتان وعالمان عالم ملكوتي إلهي وعالم شيطاني تقوده جنود الشيطان أي البعد الذي تقوده الشهوات والغرائز فيسمى بالبعد الحيواني أو الشيطاني، فلكل من هذين البعدين جذبات تدعو النفس إليها:


أولاً: البعد الحيواني: وهو عندما يسعى الإنسان وراء شهواته وغرائزه تنطفئ‏ عنده نور الهداية ويعطل ما أعطاه الله إياه فيسعى لإشباع هذه الشهوات وهذه الغرائز بأي ثمن كان وهذا ما يسميه القرآن الكريم "بالنفس الأمَّارة" ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي . فهذه النفس ببعدها الحيواني تصبح الأمر على الجسد وتستبيح كل الحرمات ولا ترى حرمة لأي شي‏ء إطلاقاً، بل كل ما هو موجود في خدمة نزواته، فحينها يغفل عن الله تعالى فيسبح في الظلمات حتى تصل به المرحلة إلى عدم الاستطاعة من العودة مما هو فيه ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ الأعراف/76.

ثانياً: البعد الملكوتي: إن في حال انتصار جنود الرحمان على جنود الشيطان تُجذب النفس نحو الملكوت الأعلى وتدعوها إلى السعادة، وهذا ما يسميه القرآن الكريم "بالنفس اللوَّامة" وفي حال دام الانتصار وأصبحت حركة النفس وراء النفس اللوَّامة وخلف البعد الملكوتي ترشد هذه النفس لتصبح "نفساً مطمئنة". فإذاً النفس نفسان: أمَّارة ولوَّامة، فالأمَّارة كما ذكرت الآية توصل بصاحبها إلى مرحلة الضلال والغفلة التامين، وأما النفس اللوَّامة فهي تقود صاحبها إلى مرحلة الاطمئنان أي النفس المطمئنة يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي .

* أهمية تهذيب النفس بنظر القرآن وأهل البيت عليهم السلام:
عندما تتجه النفس إلى الضلال وتعمل على إرضاء الشهوات والغرائز، وطالما لم تصل هذه النفس إلى حد الملكات، فالطريق للخروج من هذه المشكلة لا زال مفتوحاً والأمل ما زال موجوداً، وذلك من خلال برنامج تهذيب النفس وسنبين هنا أهمية تهذيب النفس من خلال القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت عليهم السلام.فكل الحجب التي وجدت على الأعين والقلوب هي من أثر الماديات بمعنى أن الإنسان يصل إلى مرحلة يتوجه فيه إلى المسائل المادية أكثر منها إلى المسائل المعنوية، وذلك بسبب الظلمة الموجودة على الباطن حيث منشأ ذلك هو الأعمال الموجبة للظلمة وهي عبارة عن الذنوب، ولهذا أكد القرآن الكريم على مسألة تهذيب النفس من خلال آيات كثيرة حيث يقول تعالى:﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا  وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا. وفي آيات أخرى: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ . فالآية الكريمة تؤكد هنا على أن الذين لا يخسرون هم الذين يؤمنون ويعملون الصالحات، فالأمر مشروط بالإيمان والأعمال الصالحة. فالقرآن الكريم يؤكد على الواجبات المطلوبة ومنها مثلاً الصلاة، فبدون الصلاة لا يمكن قبول الأعمال حيث يقول الحديث: "أول ما يحاسب به العبد الصلاة"، وأول ما يُسأل عنه يوم القيامة عن الصلاة: "إن قُبِلَت قُبِل ما سواها"، فالله سبحانه وتعالى يؤكد على أهمية تهذيب النفس وجعل ذلك مرهوناً ببعض الواجبات وأهمية أدائها، حيث لا يمكن من دونها قبول أي عمل آخر. وكذلك الأمر بخصوص الصيام "الصوم لي وأنا أجزي به". وكذلك بخصوص الحج ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ً آل عمران/97. وأيضاً بخصوص الزكاة: "الله الله في زكاة أموالكم فإنها تدفع غضب الرب".

وفي سورة كاملة لعلها أوضح السور التي تؤكد على أهمية تهذيب النفس حيث يقسم الله فيها لمرات عدة على أهمية تهذيب النفس حيث يقول تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا. كنا قد ذكرنا سابقاً أن الصلاة مثلاً عامود الدين وان الحج من الواجبات المهمة وان الصيام كذلك، ولكن بعدما وصلنا إلى هذه السورة يتبين معنا أن تزكية النفس وتهذيبها هي من أهم الواجبات عند الله تعالى حيث أن الله تعالى يقسم لنا بأحد عشر قسماً حول أهمية تزكية النفس بينما حول الصلاة وغيرها لم يقسم بهذا الشكل. وهذا إن دلّ‏َ على شي‏ء فإنما يدل على عظمة وأهمية تهذيب النفس، فبصلاح النفس تصلح الأمور، ومما يؤكد لنا ذلك بشكل أكبر وبشكل ملموس هي قصة انتصار المسلمين في حرب مؤتة حيث عندما رجع المسلمون من الحرب فقام الرسول صلى الله عليه وآله مرحباً بهم قائلاً: "مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر"، فقيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال صلى الله عليه وآله: "جهاد النفس" فروع الكافي، كتاب الجهاد، ص‏3.

* تهذيب النفس من أوجب الواجبات:
حسبما جاء في الروايات أن الصلاة مثلاً هي التي تضمن قبول الأعمال وبدون الصلاة تُردّ بقية الأعمال، ولكن هنا سوف نثبت أن الصلاة منوطة بتهذيب النفس وسوف نثبت ذلك أن الصلاة موقوفة على تهذيب النفس وذلك من خلال بعض القصص التي وردت في القرآن نفسه وهو انه عندما جاء ادم وطلب الله سبحانه وتعالى من الملائكة أجمعين أن يسجدوا لآدم امتحاناً منه لهم حيث يقول تعالى: ﴿اسجدوا لآدم فالوحيد الذي رفض السجود لآدم وهو أعرفهم بالله تعالى كان إبليس، علماً أن إبليس كان يسمى بطاووس الملائكة وكان أعبدهم لله تعالى وعلى رغم ذلك كله أبى واستكبر حيث يقول تعالى: ﴿وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ فسبب عدم السجود لآدم كان الاستكبار ولم يكن شي‏ء آخر. فعظمة الامتحان الإلهي تكمن هنا، وليس كثرة الصلاة والصيام، فكم من مصلٍ ليس له من صلاته سوى الركوع والسجود، وكم من صائم ليس له من صيامه سوى الجوع والعطش. وفي قصة أخرى حيث يروى أن رسول الله صلى الله عليه وآله خاطب الزبير، أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله، ولعله من أهم المقربين من الرسول صلى الله عليه وآله حيث يقول الرسول صلى الله عليه وآله له بأنه سوف يقف في مقابل الأمير عليه السلام وسوف يكون الزبير ظالماً حينها، وفعلاً هذا ما حصل، فإذاً إن تهذيب النفس هو من أوجب الواجبات.


أسئلة حول الدرس:
1. كيف يقسم القرآن النفس؟
2. اذكر آية تتحدث عن أهمية تهذيب النفس؟
3. هل أن تهذيب النفس هو أهم من الصلاة؟
4. كيف أن تهذيب النفس هو من أوجب الواجبات؟

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع