صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

آخر الكلام: ليالي الانتظار والعمود الأخضر

نهى عبد الله

" أيّ أمٍّ أنتِ؟! قتلتِ الولدين، أرسلتِهما إلى حتفهما؟ مجرمة" . لم تنل اتهامات أهل القرية من قناعتها ولا من صلابتها. مسحت دموعها وأجابتهم بابتسامة رضا، وشبكت يديها بحزم. عليها استقبال " عليّ" . وقفت بشموخ شجرة الزيتون الجنوبيّة التي تقسو مثبتةً جذورها في الأرض، لا لشيء إلا لتثمر وتعطي..

كانت تعلم منذ ليالي انتظارها لـ" مصطفى" ، على عمود الشرفة الأخضر الذي خاوى كتفها، أنّ لديها ثلاث جبهات: الموقع الإسرائيلي في " تلّة الحقبان" المُطلّ على قريتها مقتنصاً فصل الربيع فيها، وأبناء قريتها الذين تسكنهم مقولة: " العين لا تقاوم المخرز" ، والأصعب كان حبّها لـ"مصطفى" و" عليّ" شطري القلب الذي يسير بهما على الأرض. لطالما شاركها ذلك العمود على الشرفة قلقها وحبّها لمصطفى، كل ليلة حتى انبثاق الفجر، وشهد لها بحكايا الشوق والخوف.

تذكّرت خارطة " تلّة الحقبان" في يد " مصطفى" ليلة استشهاده: " اطمئني، لن ندخلها إلّا بأقلّ عدد من الشهداء، لكننا سنأخذها" . غصّت... على الأرجح سيكون منهم، ربّتت على كتفه: "زينب عليها السلام قدّمت لأخيها جواد المنيّة، لم تكن أختاً قاسية، لأنه كان الصواب. ولن أبكي عليك دمعة واحدة إن قصّرت في واجبك. خذ حذرك أنت ورفاقك". استشهد مصطفى، وتحرّرت التلّة.

بعد سنوات، وقفت السيدة " عليا" [1] تنتظر استقبال " عليّ" أصغر ولديها... لاحت الحشود من بعيد، وهي على عادتها، ما زالت تقف مستندة إلى العمود الأخضر شريكها في الصبر... تناهت إلى سمعها آيات الذكر الحكيم؛ لتعلن عن موكب سماويّ حسينيّ، يشقّ طريقه من منزلها مرةً أخرى...


[1]السيدة عليا عبد الكريم (رحمها الله)، والدة الشهيدين " مصطفى وعلي" عبد الكريم.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع