نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

كشكول الأدب

إبراهيم منصور


* أَشْعَرُ الشُّعراء
أشهر قصيدة لامرئ القيس هي معلَّقتُه: قِفا نبكِ، ومطلعُها:

قفا نَبْكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزِلِ بِسِقْطِ اللِّوى بين الدَّخولِ فحَوْمَلِ

يقول النُقَّاد إنّ امرأ القيس هو أوّل من وقف واستوقف، وبكى واستبكى في هذا البيت، أي أرسل أربعة معانٍ في كلمتين: قفا نبكِ. وأجمل ما قاله امرؤ القيس أبياتُه التي خاطب فيها تلك الأميرة الغريبة المدفونة في طريق الأناضول (تركيا)، وقد كان الشاعر غريباً مريضاً مشرفاً على الموت في تلك البلاد القصيَّة، فقال، مخاطباً قبر الأميرة، عدّة أبيات هي من عيون الشعر العربيّ الوجدانيّ، منها هذا البيت:

أجارتنا، إنّا غريبانِ ههنا وكلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ

وقد سُئل الإمام عليّ عليه السلام عن أشعر الشعراء فقال: "إنْ كان ولا بُدّ فالملك الضلِّيل"، يعني امرأ القيس، كان يُلقَّبُ به(1).

* فائدة لغويّة
طُوال - طِوال - طَوْل: نقيض القِصَر، والطُّوال هو المُفرِط في الطُول. أمَّا الطِّوال، بكسر الطاء، فهي جمع الطويل. وفي الحديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما مشى مع طِوالٍ إلّا طالَهُم، أي كان أطولَ منهم. وقومٌ يتطاولون، أي يتبارَوْن في الطُّول، فيرى كلٌّ منهم أنّه أطولُ من غيره(2).

* من أمثال العرب
تَرَكَ الظبْيُ ظِلَّه؛ يُضرب هذا المثل للرجل النَّفور (الذي يَنْفُر من أيّ شيء)؛ لأنّ الظبي (الغزال) إذا نفر من شيء لا يعود إليه أبداً. والأصلُ في ذلك أنّ الظبيَ يكنِسُ (يختبئ في كِناسِه، أي مخبئه) من الحرّ، فيأتيه الصائدُ فيثيرُه، أي يهرب الظبي ولا يعود إلى كِناسِه، فيُقال: "ترك الظبيُ ظلَّه"، والمَثَلُ بِرُمَّته كناية عن شدّة الحذر.

*المدح في معرض الذمّ
من أجمل ألوان البديع وصُوَر البيان: المدح في معرض الذمّ، وهو كقولك مثلاً: لا عيبَ في فلان سوى أنّه لا عيب له، أو سوى أنه شديد السخاء، علماً بأنَّ السخاء ليس مذمَّة، بل صفة ممدوحة. ومن أجمل صُوَر المدح في معرض الذمّ قول الشاعر واصفاً جمال عينَيْ حبيبته:

ولا عيبَ فيها غيرَ شُهْلَةِ عينِها كذاكَ عِناقُ الطيرِ شُهْلٌ عيونُها

والشُّهْلَةُ في العين: أن يخالطَ سوادَها زُرقةٌ، وعينٌ شهلاء، ورجلٌ أشهل: بيِّنُ الشَّهَل(3).

* من جذور الكلام
معنى النبوَّة: كلمة "نبيّ" مشتقَّة من النَّبْو بمعنى الارتفاع، من فعل نبا ينبو نَبْواً فهو نبيّ، أو من الإنباء بمعنى الإخبار، من أنبأ يُنبئ إنباءً، أو من النبْي، بمعنى الطريق. وجميع هذه المعاني ونظائرُها متحقِّق في (النبيّ)، فهو الرفيعُ في قدْره وعلمه وكمالاته، وهو أيضاً المُخبرُ عن ربّه، وهو الطريق إلى الخير والصلاح في الدارَيْن(4).

* من أجمل التضمين
التضمين هو من البديع المعنوي، أي أحد ألوان البلاغة. والتضمين: أن يجعل الكاتب أو الشاعر في كلامه شيئاً يقتبسه من كلام سواه؛ مثالُه:

ألا مَنْ كنتُ مولاهُ فَلْيكنْ... وأَكملَها، يا طيبَ ما اكتَملَ الدَّرْبُ!

يتحدَّث الشاعر الراحل سعيد عقل، في هذا البيت، عن النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم حين جَمَعَ المسلمين في يوم الغدير القائظ، وقال لهم: ألا من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه(5).

* من أجمل الحديث
من أجمل الحديث ما نقرأه عن إمامنا الصادق عليه السلام أنّ نبيَّ الله عيسى عليه السلام خطب في بني إسرائيل، وقال: "لا تُحدِّثوا الجُهّالَ بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلَها فتظلموهم". والمقصود بذلك ليس هو تعليم المستحقّين، بل تعليم غير المؤهَّلين، الرافضين للمعرفة، فإنّ بثّ المعرفة إلى غير أهلها مذموم، كما أنّه تضييع للوقت في ما لا ينبغي تضييعه فيه. وقال الشاعر:

ومَنْ مَنَحَ الجُهَّالَ علماً أضاعَهُ ومَنْ مَنَعَ المُستَوْجبينَ فقد ظَلَم

وهذا البيت نُسِبَ مرَّةً إلى الإمام الشافعي، ومرَّة إلى السُّهْرَوَردي(6).

* من أجمل الكناية والاستعارة

تقول العرب: "انتعَلَتِ المطايا ظِلالَها"، إذا رحلت قافلةُ الجِمال في وسط النهار في القيظ، فلم يكن لها ظِلّ. وفي هذا التعبير الجميل صورتان، الأولى: أنّ هذه العبارة كناية عن الرحيل في منتصف النهار حين تكون الشمس في سَمْت الفضاء، عمودية على الأرض، فتكون ظِلالُ المطايا (الجِمال والنياق) تحت أخفافها، كأنها تنتعلُها. والصورةُ الثانية: انتعال المطايا لظلالها، فالمطايا لا تنتعِل، والظلالُ لا تُنْتَعَلُ، فهذه الصورة تشخيص وتجسيم (استعارة).

* مفردة ثريّة بالمعاني
العِرْزال، من معانيها: عِرِّيسة الأسد، أو عرينُه، وقيل: ما تجمعه اللبوة من شيء تَمْهَدُهُ وتُهذِّبه كالعُشّ - والعرزال: موضع يتّخذه الناطرُ فوق أطراف النخل والشجر فراراً وخوفاً من الأسد - والعرزال: سقيفةُ الناطور - البقيّة من اللحم - الكيس الكبير يُجْمَعُ فيه المتاع - بيت صغير يُتَّخذُ للملك إذا قاتل - جُحْرُ الحيّة - الحانوت - غصن الشجرة أو العُود - الفِرقَة من الناس. وبعدُ، فالعِرزال هو الثِّقَلُ، من هنا قولُهم: ألقى عليه عرازيلَه، أي أثقالَه(7).


1.لسان العرب، ابن منظور، مادة ضلّل.
2.لسان العرب، م.س، مادة طول.
3.لسان العرب، م.س، مادة شهل.
4.الصحاح، الجوهري، مادة نبا. وانظر الصراط المستقيم، السيد حسن النمر الموسوي، ج1، ص163، 164.
5.كتاب البيان، جورج شكور، ص80.
6.الصراط المستقيم، السيد حسن النمر الموسوي، ج1، ص82.
7.م.ن، مادة عرزل.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع