نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مصباح الولاية: ولاية أهل البيت عليهم السلام


لا شك أن ولاية أهل البيت عليهم السلام ومعرفتهم والإقرار بحقهم وإمامتهم شرط في قبول الأعمال واستحقاقها للأجر والثواب وأن تكون مرضية عند الله تعالى، فقد ورد عن الإمام أبي جعفر عليه السلام أنه قال: "... لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحجّ‏َ جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه وتكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان".

فهذا الحديث الشريف يؤكد أن الصلاة والصيام والزكاة والحج والتي هي الأركان التي قام عليها الدين لا تقبل وليس لها ثواب إلاَّ بمعرفة ولي الله وولايته. وإلاَّ إذا كانت هذه الأعمال بحسب ما دل عليه هذا الولي وأشار إليه. وفي حديث آخر عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال: "والله لو أن إبليس لعنه الله سجد لله بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ولا قبله الله ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عز وجل أن يسجد له، وكذلك هذه الأمة العاصية المفتونة بعد تركهم الإمام الذي نصبه نبيهم لهم، فلن يقبل الله لهم عملاً ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله من حيث أمرهم ويتولوا الإمام الذي أمرهم الله بولايته ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله ورسوله لهم". وهذا الحديث الشريف واضح في اشتراط ولاية أهل البيت عليهم السلام في قبول الأعمال عند الله سبحانه، بل التدقيق في الحديث السابق يؤكد أن هذه الولاية شرط في قبول الإيمان بالله تعالى والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله حيث قال عليه السلام: "ولا كان من أهل الإيمان".

وإذا كان الأمر كذلك يُعلم بوضوح لماذا كانت ولاية أهل البيت شرطاً في قبول الأعمال، فالقران الكريم يؤكد أن الأعمال مهما كانت صالحة وبرة وكثيرة فهي لن تكون مرضية ولا مقبولة عند الله إذا لم تكن من المؤمن المتقي، ولن يكون لها نفع ثابت وفائدة دائمة، وإنما مثلها كرماد اشتد به الريح كما قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ إبراهيم/18. وفي رواية عن الإمام الجواد عليه السلام حين سُئل عن قوله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا، قال: "يُؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب، فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه لا يطلع على حسابه أحداً من الناس، فيعرفه ذنوبه حتى إذا أقرَّ بسيّئاته قال الله عزَّ وجلّ‏َ للكتبة: بدلوها حسنات فأظهروها للناس، فيقول الناس حينئذٍ: ما كان لهذا العبد سيئة واحدة. ثم يأمر الله به إلى الجنة، فهذا تأويل الآية، وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة". والأخبار في هذا المعنى كثيرة، ولكن المشكلة أن البعض ممن ابتلي بالخمول والتقصير واشتد تعلقه بالدنيا وحبه للشهوات توهم أن مجرد ادعاء التشيع وحب التشيع وحب أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام كافٍ للخلاص والنجاة، فلا مانع من اقتراف كل محرم واجتراح كل معصية. إن هذا المسكين لم ينتبه أن الشيطان قد ألبس الأمر عليه، إذ أن من السنن الإلهية المبرمة أن اجتراح الذنوب والمعاصي والإصرار عليها يؤدي في النهاية إلى التكذيب بآيات الله وإنكارها كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ، وبالتالي فانه يُخشى على هذا المسكين أن يختم عمره وقد سُلبت منه هذه المحبة الجوفاء وحُشر يوم القيامة في صفوف النواصب وليس الشيعة والموالين.

ففي الحديث الشريف عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام سأله أحد أصحابه: "حديث روي لنا أنك قلت: "إذا عرفْتَ فاعمل ما شئت". فقال‏ عليه السلام : "قد قلت ذلك". فقال السائل: وإن زنوا، وإن سرقوا، وإن شربوا الخمر؟ فقال عليه السلام: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، والله ما أنصفونا أن نكون أخذنا بالعمل ووضع عنهم، إنما قلت: إذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير وكثيره فانه يقبل منك". فقوله عليه السلام : ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ إشارة صريحة إلى أنه عليهم السلام يعتبر الاستهانة بالمعاصي وترخيصها بحجة توليهم عليهم السلام مصيبة عظيمة.. إن الأمر ليس كذلك على الإطلاق، بل المقصود هو أن أعمال البر والخير من الموالي والعارف لولي الله، وقد ورد عن الإمام أبي جعفر عليه السلام : "لا تذهب بكم المذاهب فوالله ما شيعتنا إلاَّ من أطاع الله".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع