صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

إعرف عدوك: فتاوى الحخامية وتاريخ الإجرام اليهودي

أديب كريم


ليس بالأمر العصي على الفهم أن يكون الزعيم الروحي لدى أية جماعة دينية، يمثل فيما يمثل، رمز التسامح والصفح والعطف، وأن ينظر إليه بعين التقدير وهو يضطلع بمهامه كمرشد وموجه أخلاقي في عملية تصويب وضبط مسيرة الجماعة إلى ما يُعتقد أنه الأقرب إلى المناقبية الأخلاقية والصفاء الروحي.

وعادة ما تتسم شخصيته بحكم خصوصية النشأة والتأهيل الغائي، بقدر وافٍ من الاتزان والهدوء بمواجهة ما يُثار في وجهه من مثيرات انفعالية، أو يعترض سبيله من معوقات وحوائل خلال تأدية واجبه التبليغي. لكن الشي‏ء غير المفهوم كنهاً ودافعاً وهدفاً مهما حاولنا الضغط على رؤوسنا بكلتا يدينا، هو أن تكون شخصية المرشد الروحي على نقيض تام مع الصورة التي من الواجب أن يكون عليها، والذي يعني إذا جاز لنا الاقتضاب، أن تحكمه أزمة فقدان التوازن الأخلاقي والسلوكي والرؤيوي في الحقل التعاملي مع الآخر، وسيادة مشاعر البغض والحقد والعصبية الذميمة بدل روح التسامح والتآخي وتقبل الآخر على اختلاف مشربه العقائدي أو المذهبي.. الأمر الذي يؤول بطبيعة الحال إلى نبذ الموضوعية والأخلاقية والواقعية في عملية استنباط الأحكام والفصل في الأمور، وإلى جعل الأنا العنصرية حكماً وسيداً على الأشياء في ظل غياب تام للرؤية المعيارية الحقة. وليس ثمة من شاهد على هذا الاغتيال المعنوي، إذا جاز التعبير، لمقام الشخصية الروحية نظرياً ووظيفياً، من حال الحاخامية اليهودية، التي بالإمكان وصفها بأي وصف عدا السماحة والاعتدال والصدق وكل ما هو من هذا القبيل الفضائلي.

وانطلاقاً من واقع هذا الاستثناء السلبي نجد من المفيد القول أن البيئة اليهودية بتاريخها الثقافي الاجتماعي قد صاغت خصوصيتها النظرية، وعلى نحو دقيق وكبير، اجتهادات الحاخامية وتأويلاتها في قالب نصي جاف وجامد وعنصري، أسهم في قتل خاصية المرونة لدى الجماعة اليهودية وأفقدها قابلية الإبداع والتجديد الايجابي في الفكر والسلوك وخصوصاً لجهة القدرة على التكيف البنائي الاجتماعي مع محيطها، ولهذا فإنه ليس من العبث القول بأن العنصر اليهودي قد دمج نفسه في مناخ من العزلة والانغلاق والنفور السلبي من الاخر، وأيضاً من النظرة إلى الحياة التعاملية على أنها ذات بعد سوداوي واحد ونفي كل الأبعاد الإنسانية الأخرى.

واللافت في هذا الشأن أن العنصر اليهودي بقي في خلال تطوره الإطرادي أسير التكرار النمطي للنص النواة كمنتج أنتجته لحظة تاريخية اجتماعية خاصة، دوما أية محاولة لإعادة النظر في بنيته المفاهيمية، التي بقيت على حالها من الجمود والتحجر، وتناقلتها الأجيال ردحاً طويلاً من الزمن حتى باتت تشكل عماد الشخصية اليهودية. ويحضرنا في هذا الإطار كلمة للباحثين الغربيين جاك رومان وماري لورا في كتابيهما التحدي الصهيوني يقولان فيها ما نصه: "إن أبرز ما تحمله تعليمات اليهود هي نصوص تفيض وحشية وعنصرية وحقداً على العالم كله، وقد غُذيت العقول بهذه الأحقاد على مدار الأجيال، فأصبحت قوام النفسية اليهودية".

وقبل الشروع في تقديم النماذج الحيَّة المعاصرة لظاهرة التكرار النمطي في التاريخ اليهودي، والمتجاوز بطبيعته لروح التطور في نظرة الإنسان ووعيه الثقافي والاجتماعي، نورد رسم إطار عام للخصال والسلوكيات المنحرفة التي التصقت بحياة اليهودي وكوَّنت الإرث المتوارث على مدى قرون خلت، ولا نعتقد أن بين أيدينا ما هو أصدق بياناً وأدق تصويراً من القرآن الكريم وسنكتفي ضمن هذه المساحة الضيقة، على أن نعود إلى ذلك لاحقاً وبشكل مفصَّل، بعرض الملامح العامة للقضية دونما حاجة إلى استحضارها ضمن سياقها القرآني الآياتي. فمن التطاول بالافتراء والسفاهة والتهكم على ساحة الوجود الإلهي، ونقض المواثيق والعهود مع الله عز وجل والمؤمنين من عباده، إلى تبديل أحكام التوراة وتحريف الكلم عن مواضعه، وتجرؤهم على مقام النبوة إما تكذيباً وصداً عن سبيل الحق وإما تعذيباً وتقتيلاً، وعدم تورعهم عن قتل النفس التي حرَّم الله قتلها إلاَّ بالحق، كذلك دأبهم ومسارعتهم إلى إفساد المجتمعات وتأجيج الفتن بين غيرهم من الأقوام عبر سلسلة من المكائد والحيل والأضاليل الشيطانية وإباحتهم أكل السحت في مقابل النهي الإلهي الصريح، وقساوة قلوبهم وخلوها من الرحمة والرأفة، بالإضافة إلى عنادهم وعصيهم وتحجر عقولهم وأذهانهم، وتوهمهم بأفضلية عنصرهم عند الله وتميزهم عن البشر وادعائهم الكاذب باصطفاء الله لهم كجوهر ثابت اكتمل منذ اللحظة التاريخية الأولى لنشوئه، والذي لا يعدو في حقيقة الأمر، أكثر من جوهر فاسد استفحلت فيه ميول الشر والإساءة والإجرام.

وما أشبه يهود اليوم بيهود الأمس، وحاخامات العصر الحديث بأحبار القرون الأولى، ومن قال أن التاريخ لا يعيد نفسه، وأن الأحداث والشخوص والأدوار لا تتماثل إلى حد المطابقة وفق مبدأ حتمية تفاعل الأفعال وسيرورة الأعمال في مقدماتها وخواتمها، فلقد مضى نصف قرن ونيف على اغتصاب اليهود أرض فلسطين، وتشريد شعب بكامله من وطنه بأساليب القهر والاغتصاب والتقتيل الجماعي دون وجه حق يُذكر، وعلى امتداد فصول هذه النكبة الأفجع في تاريخ النكبات الإنسانية والأشد كارثية على اكثر من شعب وكيان، لا تزال المرجعية اليهودية الدينية المتمثلة بطغمة من حاخامات السوء، تمعن في تسفيه الحقائق السماوية، وتكذيب الخطاب الإلهي وتدنيس المقدسات، وتمييع القضايا الإنسانية الجوهرية، والاشتغال على إشباع أهواء النفس الأمَّارة بالسوء، وإشاعة أجواء الإرهاب بأبشع صوره وصيغه التعبيرية، عبر دعوات واضحة، مشبعة بالأحقاد والضغائن للنيل من كل عربي مسلم في فلسطين ومحيطها، وهاكم بعض "الفتاوى" التي صدرت عن أعلى سلطة دينية يهودية في محطات منفصلة من زمن الصراع بين الكيان اليهودي الغاصب والشعوب العربية الإسلامية. في عام 1973 أصدر كبير الحاخامات في القيادة العسكرية الحاخام المقدم "أبراهام أنيدان" فتوى يحرض فيها على قتل المدنيين الأبرياء من العرب، حتى ذوي السلوك الجيد منهم كما جاء في نص الفتوى "في وقت الحرب، وحسب تعليمات التلمود يجب على الجنود الإسرائيليين أن يقتلوا أعداءهم المدنيين ذوي السلوك الجيد"، وفي العام نفسه صدرت فتوى من الحاخام "مونسي زنون أشبيزاي" حاخام "رمات غان" يقول فيها: "إن الشريعة اليهودية الهالاخاه تؤكد أن الذين يسكنون أرض كنعان يجب أن يكونوا عبيداً لإسرائيل".

وفتوى الحاخام "مئير كاهانا" عام 1978 ويضمنها دعوة صريحة إلى طرد العرب من أرضهم كواجب ديني لا بدّي "إن العرب في إسرائيل يمثلون امتهاناً لاسم الله، وإبعادهم ليس عملية سياسية فحسب بل عملية دينية، فلنطرد العرب من بيتنا حتى نصل إلى الخلاص". وتعليقاً على الجريمة البشعة التي ارتكبها المقبور مالاخ غولاشتاين بحق المصلين في الحرم الإبراهيمي في الخليل، صرَّح الحاخام "إسحاق جينزتبرغ" بقوله: "من الخبث أن يسمى إطلاق النار على مصلين في المسجد جريمة، ففي وقت الحرب يجب إبادة كل عناصر الحرب التي تعادينا.. وإن الوصية المنزَّلة القائلة "لا تقتل" لا يجوز تطبيقها على العرب، إذ عندما يقتل اليهودي يهودياً اخر تتوجب محاكمته، وعندما يقتل اليهودي عربياً فتلك إرادة العلي القدير وحده"!!

ونختم بالعبارات اللاذعة والدعاوى الحاقدة التي أطلقها الحاخام العنصري "عوفاديا يوسف" الزعيم الروحي لحركة شاس منذ أشهر، ومما نضح من إنائه السام، دعوته أنصاره إلى الدعوة معه لأن ينتقم الإله من العرب "فيشوش تفكيرهم، وينتقم منهم في رؤوسهم، ويبيد نسلهم، ويدحرهم ويذلهم ويغيبهم عن هذا العالم" ويضيف: "محظور الترحم عليهم، ويجب ضربهم بالصواريخ في أفضل حال، وتدميرهم لأنهم المجرمون الملاعين"!!

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع