صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

مجتمع: البطـالة.. الخطـر الأكـبـر!

أحمد شعيتو

عندما يتداعى القادة الأوروبيون إلى الاجتماع في بروكسل، لإقرار تفاهم، ولمواجهة أزمة البطالة المتفاقمة، ويقرّون مبلغ 8 مليارات يورو لحلّ مشكلات بطالة الشباب، العام الماضي، فذلك يعني أنّهم كانوا يدقّون ناقوس الخطر... إنه ليس فقط خطر تراجع النمو الاقتصادي، الناجم عن تباطؤ حركة الإنتاج ودورتها، بل الخوف من الآثار الاجتماعيّة الناجمة عن البطالة.

*تنامي البطالة
لقد دقّت منظمة العمل العربيّة، أيضاً، ناقوس الخطر، بعد أن أوردت أرقامها أنّ نسبة البطالة في العالم العربي ارتفعت من 14 %، عام 2010، إلى أكثر من 16 % عام 2013 وتتجه إلى 17 %. وحثّت، بالتالي، السياسيّين على التفكير في قمة عربيّة عاجلة لمعالجة هذه المشكلة الكبرى.

في تبسيط لصورة المستويات الاجتماعية في كثير من الدول، ومنها لبنان، فإن الأغنياء نحو غنى أكثر فحشاً، وأصحاب المداخيل المتوسطة نحو وقوع إلى أسفل، في سلّم الموارد والمداخيل، وذلك بسبب تنامي احتكارات المؤسّسات الكبرى جرّاء الأزمات الاقتصاديّة العالميّة والمشاكل الاقتصادية الداخلية في كل دولة. كلّ ذلك يؤدّي إلى التضخم الاقتصادي وإلى ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرات الشرائيّة. إنّه واقع أدّى إلى تنامي البطالة وبالتالي اتساع صورة آثارها الخطرة!

*لبنان والبطالة
في لبنان، ومع غياب سياسة حكوميّة تحدّ من البطالة، ومع تزايد اليد العاملة الأجنبية، بشكل هائل، يواكبه تراجع نسبة النمو والركود الاقتصادي، فإنّ نسبة البطالة إلى ارتفاع واضح خلال السنوات الأخيرة. وهذا يهدد بكارثة اجتماعية، ومشاكل أمنيّة وعائليّة متفاقمة. رغم أن الكثير من الشبان يلجأون إلى السفر لتأمين فرص عمل مناسبة لتخصّصاتهم العلمية وإطفاء نار البطالة التي يكتوون بها، وهذا العدد المتنامي من المهاجرين الشباب يؤشر إلى أي اتجاه تسلك بنية النظام الاجتماعي والعملي والاقتصادي في لبنان.

لقد أشارت منظمة العمل الدولية إلى أن نسبة البطالة في لبنان تُوازي الـ25 % لكن هذا العدد قد يكون أقل من الواقع خاصة في ظل تفاوت طرق حساب البطالة حيث نرى أن بعض الجمعيات الأهلية في لبنان تؤكد أن النسبة تفوق الثلاثين.

وكان الاتحاد العمالي قد أشار العام الماضي إلى أن نسبة البطالة تزيد على 20 % وقد أعلن وزير العمل اللبناني، قبل أشهر قليلة من هذا العام، أن نسبة البطالة 23 % وهي لدى الشباب 33 % مبدياً القلق الشديد من هذا الواقع. ومهما يكن من أمر النسب فإنها تتفق على أن البطالة ترتفع سنة تلو أخرى واللافت أن هذه النسبة التي لو افترضنا أنها حوالي 25 % هي نسبة تعدّ مخيفةً وخطرة، وهي بحسب بعض الدراسات، تحتل الدرجة التاسعة الأعلى ضمن 18 دولة عربية.

*آثار البطالة
1 - على الأمن القومي: من هذه الآثار، مثلاً، ما شهدناه من الاضطرابات الأمنيّة التي حدثت في أكثر من بلد أوروبي وعمليات الشغب التي كانت أسبابها غير سياسيّة، بل اجتماعيّة! لقد استفحلت الاعتداءات ضد المهاجرين، فبرأي المواطنين الأصليين لم يعد سهلاً التحمل، في ظل المشاكل الاقتصادية، أن يزاحمهم أناس آتون من وراء البحار على فرص عملهم التي تضيق وتضيق. هنا، نقف على أثر آخر للبطالة يؤثّر على الأمن القومي للدولة عبر ارتكاب جرائم، وشغب واعتداءات..

2 - على المجتمع: العاطل عن العمل، بحسب علماء النفس، يدخل في "متاهة" من ضياع ذهني واضطراب فكري، فيصبح أقرب إلى اتخاذ قرارات وتنفيذ تصرفات "قاتلة"، سواء بالمعنى المجازي لهذه الكلمة أو بالمعنى الحقيقي لها.

3 - الإجرام الفردي: يصبح الشخص مهيّأً أحياناً لجريمة انتقامية ضد المجتمع أو الدولة اللذين نبذاه برأيه، أو جريمة ضد من كان مسبباً مباشراً لبطالته، مثل: ربّ العمل، خاصةً عندما يمر وقت طويل لا يجد فيه عملاً بديلاً.

4 - الإجرام الجماعي: قد ينضم العاطل عن العمل إلى عمل من نوع آخر: القتل المأجور أو الإرهاب والتخريب، لتأمين مورد مالي بديل عن عمل شريف فقده، وذلك عبر الانضمام إلى منظمات في هذه الجرائم.

5 - السرقة: من البديهي أن أهم الدوافع إلى السرقة هو الحاجة المادية أو البطالة.

6 - الخيانة للوطن: شراء الضمير الوطني يصبح سهلاً من قبل أعداء الوطن تجاه من أصبحت قابليته مندفعة بغزارة نحو "أي عمل" لوجود حاجة ماسة.

7 - الفساد الشخصي: أوقات الفراغ قد يملؤها العاطل عن العمل بانحرافات سلوكية. قد يقع في آفة المخدرات، وقد يصاحب أشخاصاً فاسدين فيتأثر بهم، ويصبح التأثّر أكبر نتيجة ساعات الفراغ الطويلة.

8 - التفكّك الأسري: من نتائج البطالة نمو المشاكل الأسرية بسبب فقدان مورد الصرف المالي، فتزيد الاختلافات، وكذلك يصبح اللجوء إلى الاعتداء على الزوجة وارداً أكثر بسبب الخلاف معها أو بسبب الضغط النفسي.

9 - الموت السريع: لا يفوتنا أن العاطل عن العمل، قد يلجأ إلى الإجرام بحق نفسه عبر موت سريع: الانتحار.

10 - جرائم المهاجرين: لماذا كثير من الجرائم تكون من المهاجرين إلى بلد ما وليس من أهل البلد نفسه؟ ليس ذلك بسبب كره أهل البلد الأصليين، بل لأن هؤلاء قد لا يجدون عملهم المأمول الذين هاجروا من أجله، فيقعون في أتون الجريمة والسرقة.

ولا نفصل الفساد الأخلاقي والإجرام عن أسباب ودوافع ومؤثرات أخرى كسوء التربية أو العوامل الأسرية والبيئية.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع