نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

فقه الولي: أحكام كثير الشكّ

الشيخ علي حجازي

يحدث في حالتيّ الطهارة والصلاة كثرة شكّ أو وسوسة لبعض المكلّفين، فيغسل -مثلاً- العضو مرّات كثيرة، مع أنّه يكون قد استوعب الماء العضو. وقد يعيد تكبيرة الإحرام، أو قراءة آية أو ذكر، مراراً وتكراراً. وكثير من هذه الحالات يخرج عن الجواز، فيفعل هؤلاء الحرام. والتخلّص من الوسواس، في هذه الحالة، لا يحتاج إلى الأحلام أو وقوع معجزة، بل يجب على المكلّف أن يضع ذوقه الشخصيّ جانباً، ويكون متعبّداً بتعليمات الشرع المقدّس ويؤمن بها.

1 - تعريف كثرة الشكّ:

أ- يعود تحديد كثرة الشكّ إلى العرف. وتتحقّق فيما إذا لم تخلُ ثلاث صلوات متوالية من الشكّ، أو كان الشك في صلاة واحدة ثلاث مرات. ولا يشترط وحدة المورد المشكوك، بل يصدق كثرة الشك حتى مع اختلاف الموارد.
ب- يعتبر في صدق كثرة الشكّ أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو همّ، ونحو ذلك ممّا يوجب اغتشاش الحواس.

2 - الوسواسيّ:

الوسواسيّ هو من تفاقمت عنده كثرة الشكّ، فتصل إلى حالة الوسوسة، وهي تعبير عن حساسية نفسية شديدة في أمر النجاسة مثلاً.

3 - حكم كثير الشكّ:

أ- إذا شكّ كثير الشكّ في الركعات أو الأفعال أو الأقوال أو الشروط للصلاة فوظيفته أن يبني على وقوع ما شكّ فيه، مثلاً: إذا شكّ في أنّه ركع أم لا (وكان كثير الشكّ في هذه المسألة)، فيبني على أنّه ركع، وإذا شكّ في أنّه أتى بالركعة الثانية أو لا (وكان كثير الشكّ فيها)، فيبني على وقوع الركعة الثانية، وهكذا.

ب- إذا كان البناء على وقوع المشكوك موجباً لفساد الصلاة فيبني على عدم الوقوع (إذا كان كثير الشكّ فيه)، مثلاً: إذا شكّ في أنّه في الركعة الثالثة في الصبح أم لا فيبني على عدم وقوع الركعة الثالثة.

ج- لو كان كثيرَ الشك في شيء خاصّ أو صلاة خاصّة فيختصّ حكم كثير الشكّ به، فلو شكّ في غير ذلك الفعل فيعمل على شكّه.

د- لا يجوز لكثير الشكّ الاعتناء بشكّه. نعم يستثنى من ذلك مسألة واحدة، وهي فيما لو شكّ في الإتيان بالصلاة وعدمه، وكان وقت الصلاة باقياً فيجب عليه الإتيان بالصلاة المشكوكة، حتّى لو كان كثير الشكّ، إلّا إذا كان وسواسياً فلا يعتني بشكّه.

4 - حكم الوسواسيّ:

أ- الوسواسيّ في الطهارات أو في الصلاة لا يجوز له أن يعتني بشكّه، بل يبني على الإتيان بالمشكوك بدون استثناء، فلو شكّ أنّه غسل يده أم لا، أو شكّ في أنّه صلّى أم لا، وهكذا، فلا يلتفت، ويبني على أنّه قد أتى بالمشكوك، ولو اعتنى بشكّه متعمّداً فيرتكب الإثم.

ب- إذا كان البناء على الوقوع موجباً للمفسدة فيبني على عدم الوقوع.

ج- لو كان وسواسيّاً في شيء خاصّ أو صلاة خاصّة فيختصّ الحكم به، وفي غيره يعمل على شكّه.

د- لو شكّ في أنّ النجاسة أصابته أم لا، فيبني على العدم، ويجب على الوسواسيّ أن يتعبّد بتعليمات الشرع المقدّس ويؤمن بها، ولا يعتبر الشيء الذي لا يقين بنجاسته نجساً، فمن أين له يقين بأنّ الباب، والجدار، والسجّادة، والخزانة، والكرسيّ، والطريق، ومقاعد السيّارة، والأحذية، وحتّى أماكن الكفّار، وسائر الأشياء التي يستخدمها نجسة؟ وعلى كلّ حال، لا يجوز للوسواسيّ في حالة الوسوسة الاعتناء بالوسواس.

5 - علاج الوسواس:

أ- إنّ عدم الاعتناء بالوسوسة والتمرّن على عدم الاعتناء سوف يساعد (بتوفيق من الله تعالى وبمشيئته) على إنقاذ النفس من قبضة الوسواس.

ب- الاعتماد في باب الطهارة والنجاسة على أنّ الأصل هو الطهارة في نظر الشرع المقدّس. يعني في أيّ موضوع يحصل أقلّ ترديد واحتمال في حصول النجاسة، فالواجب على الوسواسيّ أن يحكم بعدم النجاسة.

ولا يحكم الوسواسيّ بالنجاسة إلّا إذا رآها بعينيه. بحيث إذا رآها أيّ شخص آخر يجزم بسراية النجاسة، ففي مثل هذه الموارد فقط، يجب أن يحكم بالنجاسة، وهذا الحكم مستمرّ بالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص حتى ترتفع الوسوسة.

ج- يجب تعلّم أحكام الطهارة وتطبيقها بدون أيّ احتياط، فالاحتياط لا يجوز للوسواسيّ.

د- الوسوسة حالة عابرة قابلة للعلاج. وكثير من الأشخاص بعد الابتلاء بها استراحوا منها بالعمل وفقاً للتدريب المذكور، فتوكّلوا على الله تعالى، وأراحوا أنفسهم بالهمّة والإرادة.

وفي الختام كلمة...

الدين الإسلاميّ لديه أحكام سهلة وسمحاء، ومنسجمة مع الفطرة البشريّة، فلا تعسّروها، ولا تلحقوا الضرر والأذى بالجسم والروح من جرّاء ذلك. وحالة القلق والاضطراب في هذه الموارد تضفي المرارة على الأجواء الحياتيّة، وأنّ الباري (عزّ اسمه) غير راضٍ عن عذاب الوسواسيّ لنفسه ومن يرتبط معه. اشكروا الله تعالى على نعمة الدين السهل، وشكر تلك النعمة هو العمل طبق تعليمات الشرع الحنيف.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع