نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

القرآن وعالم المجرات والنجوم



* القسم في القرآن
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ، وَمَا لَا تُبْصِرُونَ  (الحاقة: 38، 39). أقسم اللَّه سبحانه وتعالى في الآية الكريمة بجميع مخلوقاته سواء كانت مرئية بالعين المجردة أو بواسطة المجهر والمرصد، أو غير مرئية كالأشعة المجهولة والملائكة والروح والجان والجنة والنار وكل الغيبيات، وربما كان ذلك - واللَّه العالم - لكي يتوقف الإنسان العاقل مطولاً أمام بديع الصنعة والإعجاز الكامن في كل خلق من مخلوقات اللَّه بدءاً من أصغر جسيم في الذرة وهو "الكوارك" وانتهاءً بأكبر المجرات وأبعدها، وعليه تكون دراسة كل خلق من مخلوقات اللَّه دليل إيماني محسوس على وجود الخالق وعظمته وكلما ازداد الإنسان العاقل علماً ازدادت معرفته بالخالق وخشعت جوارحه في طاعته.

ومرفقاً لهذا يطالعنا القرآن الكريم بالكثير من الآيات تحمل خاصاً خاص وهي في أكثرها آيات عليمة إعجازية في مضامينها تحكي عن السماء والنجوم والمجرات وغيرها من الظواهر الكونية.

* أولاً:﴿ وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ
البروج جمع برج وتعني في اللغة البناء العظيم، فهو إذن كل تجمع للنجوم وليس فقط منازل الشمس والقمر والكواكب بالنسبة للنجوم، وهي اثنا عشر تجمعاً من النجوم، سميت بالبروج(1) معروفة منذ القدم، تسير الشمس في كل منها شهراً، ويسير القمر في كل منها يومين وثلث يوم، وفي الشرح العلمي المبسط عن تجمعات النجوم كما كشفه علم الفلك في القرن العشرين يجل المسلم فكرة عامة عن بروج السماء التي أقسم المولى بها.

* ثانياً: عالم المجرات
 ﴿ وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا
 (الشمس: 5) المجرة هي الوحدة الأساسية في تركيب الكون وهي تجمعات هائلة من النجوم والكواكب وتسمى سديماً عندما يغلفها الدخان أو الغبار الكوني. والمجرات عدة أنواع، المجرة القزم وتتألف من عشرة ملايين نجم والمجرة العملاقة حيث يصل تعداد نجومها إلى عشرة آلاف مليار نجم ترتبط بعضها ببعض بواسطة قوة الجاذبية. أما مجرتنا المسماة بالطريق اللبني مؤلفة من مئة مليار نجم

تقريباً منها الشمس والمجرة اللبنية تبدو من خلال المراصد كقرص قطره تسعون ألف سنة ضوئية وسمكه خمسة آلاف سنة ضوئية (السنة الضوئية تساوي عشرة آلاف مليار كلم تقريباً)، وهناك مجرات تكبرها بعشرات المرات، وفي الكون أُحصي حتى الآن مئة مليار مجرة تقريباً كلها تدور وترجي بسرعة متفاوتة.

والنجوم والمجرات لا تتوزع عشوائياً في الكون، فالنجوم تتجمع مع بعضها لتؤلف المجرة، والمجرات تتجمع مع بعضها لتؤلف مجموعة محلية مؤلفة من عشرات المجرات، والمجموعة المحلية تتجمع مع بعضها لتؤلف كدس المجرات المؤلف من بضعة آلاف من المجرات، وأكداس المجرات تتجمع كل خمسة أو ستة فيما بينها لتؤلف كدساً عملاقاً.

فالنجوم هي حجر البناء في المجرة، والمجرة هي بيت الكون والمجموعة المحلية هي قرية في الكون، أما كدس المجرات فهو مدينة في الكون
والكدس العملاق عاصمة من عواصمه العديدة حسب تشبيه علماء الفلك.

* ثالثاً: موت النجوم
كشف العلم الحديث أن لكل نجم دورة حياتية وأطواراً يمر بها: كالولادة والنمو والنضوج والاحتضار والفناء، أي أن النجوم أن بقيت ملايين بل مليارات السنين تشع وترسل إلينا ضؤها ستطمس ويندثر أثرها وتموت عندما تبلغ اجلها المحدد لها، كما جاء في قوله تعالى:  ﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ  (المرسلات: 8)، ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى .. فمن معاني كلمة "هوى" كما جاء في لسان العرب "سقط ومات"، وكلمة "طمس" أي أمحى أثره  ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَت  (التكوير: 1 - 2). أما التفاصيل العلمية، تحدثنا سجلات الأحداث التاريخية الفلكية عن ظواهر لم يستطع علم الفلك تعليلها إلا في القرن العشرين. ففي صباح الرابع من تموز من سنة 1054 ميلادية، لاحظ علماء الفلك الصينيون ظهور نجم هائل اللمعان بلغ ضياؤه من الشدة بحيث أنه ظل يسطع في وضح النهار لمدة عامين قبل أن يخبو ويحتجب عن الأنظار، ولم يعرف العلم إلا لاحقاً أن هذا النجم الذي يسمى بالنجم الجديد كان موجوداً في كوكبه برج الجوزاء ثم تضخم وأنفجر ومات وتحول بعد ذلك إلى ما يسمى بسديم السرطان، وهو سحابة من الغازات المتخلفة عن انفجار ذلك النجم قبل موته. وفي السنين 1572 و1604 و1885 سجلت الظاهرة نفسها، إذ ظهرت نجوم شديدة اللمعان حتى في وضح النهار مرئية بالعين المجردة سميت أيضاً النجوم الجديدة.

وهكذا ومع اختراع المراصد تبين للعلماء منذ عشرات السنين فقط، أن مئات النجوم تموت كل يوم وكل ساعة بل وكل ثانية، فبعض النجوم قبل أن تنطفئ يزداد فجأة لمعانها وتوهجها الذي يصل إلى لمعان مليار شمس، ويكبر حجمها ألوف الكيلومترات في الثانية، ثم تنفجر انفجاراً هائلاً هو من القوة بحيث يقذف الشغط الذي ينجم عن انفجار نجم قتيل المواد التي يتألف منها بسرعة تفوق عشرة آلاف كلم في الثانية.
قال تعالى:﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ،  وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ،  إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (النجم: 1 - 4).

نرى في الآية الأولى من هذه السورة أن اللَّه عز وجل أقسم بموت النجوم وهذه حقيقة علمية لا جدال فيها اليوم، ثم ربط جواب قسمه في الآيات التي تليها بصدق رسوله وبأنه لا ينطق عن الهوى، وهذا يعني أن الذي يقسم بموت النجوم قبل أن يبين العلم ذلك بقرون يجعل منه - أي القسم - دليلاً على صدق رسوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم الخاتم.

* رابعاً: السماء والطارق
﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ، النَّجْمُ الثَّاقِبُ .
أول ما تُقرأ هذه الآية المباركة يتبادر إلى الذهن ما المقصود بالطارق، هل تسميته عامة لكل النجوم أم تسمية خاصة!!.

يعتقد الكثيرون - واللَّه العالم - أن الطارق هو نوع معين من النجوم، ولعل المعلومات الفلكية التالية عن بعض النجوم يساعدنا على التعرف على خصائص "الطارق" الذي حدد هويته المولى بأنه "نجم ثاقب".
كشفت المراصد الفلكية في سنة 1963 عن موجات لاسلكية أطول بكثير من الموجات الضوئية تأتينا من الفضاء الخارجي، لها ميزة اختراق كل الأجسام مهما كانت سماكتها، لذلك يمكن التقاطها في كل وقت، إلا أن مصدرها بقي مجهولاً.

وفي سنة 1973 تمكنت مراصد الراديو المتصورة من كشف هوية هذه الموجات اللاسلكية التي تخرق كل شيء، إذ تبين أن مصادرها بعيدة جيداً، فهي على حافة الكون، كما يقول الفلكيون، والمسافة التي تفصلها عنا تصل إلى عدة مليارات من السنين الضوئية وحتى عشرة مليارات سنة ضوئية ونيف، وآخر مصر اكتشف حتى الآن بعيد عنا أربعة عشر مليار سنة ضوئية، وقد سميت مصادر هذه الإشعاعات "شبه النجوم" أو "الكازار"(2) وميزتها شدة الإشراق واللمعان بحيث أن ضوء البعض منها يفوق مئة ألف مليار مرة ضوء شمسنا التي تنيرنا، فهي الأشد لمعاناً في الكون.


ملاحظة:
من الممكن أيضاً - واللَّه العالم - أن بعض النجوم الكبيرة قبل أن يموت يتحول إلى نجوم عملاقة ثم ينفجر انفجاراً هائلاً هو من الشدة بحيث أن اللمعان والطاقة المتأتيان منه تعادلان مليارات من القنابل الهيدروجينية، أن تكون هي المقصودة بالنجم الثاقب أو الطارق.


1 - الحمل - الثور - الجوزاء - السرطان - الأسد - السنبلة - الميزان - العقرب - القوس - الجدي - الدلو - الحوت.
2 - كلمة كازار هي المختصر لما ترجمته (QUASAR : مصدر إشعاع راديو شبه فهمي (QUASI STE'LLAR RADIO SIURCE)

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع