نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

معتقدات الإنسان



 ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم (لقمان: 7).
تحدثنا في الآية السابقة عن لهو الحديث والقول الباطل، وقد مر معنا أنه عمل منكر وحرام ولا يجوز صرف المال لأجله ولا أخذها عليه.

وفي الواقع لا ينحصر مصداق لهو الحديث في الغناء وترجيع الصوت المطرب المناسب لأهل الفسوق والعصيان، بل له مصاديق كثيرة منها اختلاق الأخبار الكاذبة وتزييف الحقائق أو كشف أسرار الأمة وإيصالها بأي صورة للاستكبار (كتاب أو نطقاً)؛ كل ذلك من مصاديق لهو الحديث، والفاعل لذلك ينتظره عذاب مهين في الآخرة فضلاً عن كون الأجرة التي يأخذها لذلك محرمة عليه أيضاً بناء على ما روي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إن اللَّه إذا حرم شيئاً حرم ثمنه".

* التولي عن آيات اللَّه:
في الآية التالية- موضوع بحثنا لهذه الحلقة- إشارة إلى إحدى الآثار السيئة للهو الحديث، فالذين يشترون هذا العمل المنكر عندما يسمعون آيات اللَّه تعالى تتلى عليهم، يشعرون بالغرور والاستكبار ويتولون عنها وكأنهم لم يسمعوا شيئاً.

حقاً، كم هو هؤلاء الذين يرون الآيات الإلهية الواضحة ويسمعون البراهين القرآنية الدامغة، ومع ذلك فإنهم يستمرون في غيهم وضلالهم القديم، وليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل إن البعض منهم تستملكه الروح الاستكبارية والاستعلائية في مقابل آيات اللَّه تعالى.

وفي مقابل ذلك يوج اللَّه سبحانه خطابه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم، أي بلغ- أيها النبي- الحكم الإلهي بأن لهو الحديث بمصاديقه المختلفة حرام، سواء كان الغناء أو الكذب والغش أو التهمة أو كشف أسرار المؤمنين والمجتمع الإسلامي و....، كل ذلك منكر وحرام ولا يجوز أخذ الأجرة مقابل هذه الأعمال، والذي لا يستمع لهذا الحكم أو يجعل في أذنيه وقراً فإنا أعتدنا له عذاباً أليماً، ولكن ما المقصود من العذاب الأليم هنا؟

تصور بعض المفسرين أن العذاب الأليم منحصر بما بعد الموت وفي عالم القيامة ولعل الأمر ليس كذلك، فقد يكون هذا العذاب في الدنيا أيضاً، فاللّه سبحانه وعد المؤمنين بالنصر والعزة واستخلافهم في الأرض، وعندما يتحقق الوعد الإلهي فإن العذاب الأليم سيكون من نصيب المستكبرين والأعداء. وقد بدأت بشائر الوعد الإلهي تتحقق كما هو ظاهر اليوم في الجمهورية الإسلامية في إيران.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ  (لقمان: 8).

ليس كل البشر مصيرهم إلى الشقاء والعذاب، فالمؤمنون الذين يعملون الصالحات يبشرهم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بأن لهم السعادة الأبدية والراحة الدائمة في جنات النعيم.

وهنا قد يطرح سؤالٌ: أنتم تقولون أن المعاد جسماني، فهل هذا يعني أنكم تعتبرون الجنة مادية أيضاً؟

في الواقع، طبقاً لصريح القرآن يمكن لنا أن ندعي أن عالم الآخرة كما هو روحي، هو مادي أيضاً، يعني كما أن أرواحنا متنعمة هناك كذلك أجسادنا، فأحياناً نقول أن قفص البدن ينكسر وتطير منه الروح إلى عالم البرزخ وهناك إما تكون متنعمة أو تكون معذبة، ولكننا أيضاً نقول أنه يوم القيامة تتزلزل الأرض  ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا.  وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا  ، فالبشر والحيوانات والكائنات الحية تخرج من باطن الأرض وتأخذ قسطها من النعيم أو العذاب أيضاً، لكن الجنة ليست كل شيء للمؤمنين، فمقام المؤمنين أعلى وأسمى منها، والأصح أن يقال إن الجنة في خدمة المؤمنين. قال تعالى:  ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ - وفي الآية 31 من سورة (ق) يقول: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ . أما أن الجنة أين تقع، فهذا ما لا نعلمه، ولكننا نعلم أن عالم البرزخ هناك، وأن الحساب هناك أيضاً.

* شرط الوصول إلى جنات النعيم
هناك شرطان أساسيان للوصول إلى جنات النعيم أشارت إليهما الآية الكريمة بوضوح، وهذان الشرطان هما:
1- الإيمان: من خلال قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواٍ ، والإيمان مرتبط بباطن وسر الإنسان.
2- العمل الصالح: من خلال قوله تعالى:  ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات ، وهو مرتبط ببدن الإنسان.

يمكن أن يعتقد بعض الأشخاص بالدين الحق، ولكن على مستوى تطبيق الأحكام والفرائض، فإنه يتكاسل ويتخاذل عن القيام بها، فهؤلاء لا يدخلون الجنة،لأن الإيمان والعمل الصالح متلازمان مع بعضهما البعض ولا يمكن الفصل بينهما بأي وجه فكما أن السيارة لا تتحرك من دون وقود حتى ولو كان المحرك قوياً وليس فيه أي عيب، كذلك الإنسان لا يمكن بالإيمان وحده ودون العمل الصالح، أن يتحرك نحو اللَّه المتعال.

ورد عن الإمام الصادق عليه السلام إن الله يبغض المؤمن الذي لا دين له، فقيل له يا ابن رسول الله من هو المؤمن الذي لا دين له؟ فقال (ما معناه): الذي لا يعمل بمقتضى إيمانه.

* معتقدات الإنسان
جاء في هذه الآية أن المؤمنين الذين يعملون الصالحات لهم جنات النعيم، ولكنها لم توضح أن الإيمان بأي الأمور يتعلق ولكن من خلال مطالعة الآيات الأخرى يمكن استخلاص أهم الأمور التي يجب على الإنسان أن يعتقد بها.

تنقسم معتقدات الإنسان إلى قسمين:
1- المعتقدات التي يجب أن يبحث عنها الإنسان ويتسدل عليها.
2- المعتقدات التي لا يجب عليه البحث عنها، ولكن عندما يعلم بها يجب عليه الاعتقاد بها.

وبعبارة أخرى: يُسأل الإنسان عن بعض المعتقدات وأنه لماذا لم يبحث عنها، ولكن لا يُسأل عن بعض المعتقدات الأخرى.

المعتقدات التي يُسأل عنها الإنسان ويجب عليه البحث عنها والاستدلال عليها هي الأصول العامة للدين والتي يعبر عنها بأصول الدين الخمسة، فعلى كل إنسان أن يعرف اللَّه عز وجل وأن يعتقد بوحدانيته وأنه يتصف بكل صفات الكمال، بل هو الكمال المحض الذي لا نقص فيه ولا يأتي من عنده ظلم ولا عيب، وعلى الإنسان أن يعتقد أيضاً بأن اللَّه تعالى أرسل الأنبياء وأنزل معهم الشرائع الإلهية لهداية البشر وأن خاتمهم وسيدهم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ويعتقد بمسألة الإمامة والمعاد والقيامة والحساب.

وهناك معتقدات أخرى لا يجب على الإنسان أن يبحث عنها ويتعقبها، ولكنه إذا علم بها يجب عليه أن يعتقد بها، وهناك الكثير من هذه المعتقدات، ونحن هنا نذكر بعضاً منها:
1- علم الرسول والإمام: اللَّه سبحانه وتعالى زود الرسول والإمام بعلم خاص لسد احتياجات البشر في إدارة شؤون حياتهم وما يحتاجونه من أحكام وقوانين.
2- العصمة: وهي أن الرسول والإمام معصوم عن المعاصي والأخطاء سواء قبل البعثة أو بعدها وسواء عمداً أو سهواً.
3- السنة: وهي أن عمل الرسول وقوله وتقريره وكذلك الإمام، حجة على البشر كما القرآن الكريم.
4- الإرادة التكوينية: حيث أن كل حركات العالم، سواء الحركات الذرية، حركات الالكترونات والبروتونات والنيوتروتات أو الحركات المجريّة والكواكب والنجوم، كل ذلك بإرادة اللَّه تعالى وتدبيره وتحت نظره ورعايته.
5- على الإنسان أن يعتقد بأنه لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين، فالإنسان ليس بمجبور على أعماله وإلا لم يستحق ثواباً ولا عقاباً، وهو ليس مفوضاً كذلك لأن ذلك يفضي إلى الشرك، فاللَّه سبحانه وتعالى أعطانا الإرادة والاختيار ﴿إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً ولكن جميع إراداتنا واختياراتنا في قبضة إرادة اللَّه واختياره.
6- الاعتقاد بالمعاد الجسماني.
7- الاعتقاد بالشفاعة.
8- الاعتقاد بعالم البرزخ.
9- الاعتقاد بالجنة والنار.
10- الاعتقاد بالحساب والميزان والصراط...

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع