نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

لماذا يرفع الغرب شعار الحرية والمساواة للمرأة



لقد كانت المرأة في المجتمع الغربي أسيرة الرجل ليس لها حق بالعمل، ولا بالتملك ولذلك طرحت بين الحين والآخر حرية المرأة على بساط البحث، وكذلك مساواتها بالرجل.
ومنذ القرنين السابع عشر والثامن عشر أخذ عدد من مفكري الغرب ينشطون من أجل أحداث تغييرات اجتماعية إلى جانب تلك النهضة الصناعية والعلمية التي انطلقت آنذاك. ومن هؤلاء كتاب ومفكرون أمثال روسو، وفولتير، ومنتسيكيو. وقد أخذوا على عاتقهم تخليص الإنسان من التخلف والعبودية عبر تحديد وثيقة كاملة بحقوق الإنسان الأساسية والثابتة. وقد خاضت شعوب انكلترا وفرنسا وأمريكا ثورات اجتماعية عارمة من أجل ذلك فتغيرت على أثرها أنظمة وقوانين وبلاد، وهكذا اتسعت رقعة هذا الصوت إلى أن أقرت هيئة الأمم المتحدة عام 1948 لائحة بحقوق الإنسان والتي اشتملت على المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة.


*ما معنى المساواة
إذا كانت المساواة أمراً ذا قيمة مطلقة، فلماذا لا نساوي بين الإنسان والحيوان، ونسأل هنا هل يمكننا أن نساوي بين الحمل والأسد في الحقوق؟ وهل أن هذه المساواة الموهومة ستجعل الحمل أسداً أو الأسد حملاً؟ وهل المساواة في حقوق المرأة والرجل تمكن المرأة من أن تحمل الأحمال الثقيلة؟ أو تقود البلدوزر؟

كما يحصل في بعض دول العالم. ثم نسأل أيضاً هل أن دخول المرأة إلى معترك العمل جعلها حرة من استغلال الرجل؟ أبداً بل أنها أصبحت أكثر تكبيلاً، وأصبح الرجال الطامعون والجشعون يجدون في المرأة سراً لاجتذاب الزبائن واستدرار الثروة. إن المجتمع الغربي اليوم يتعامل معها ومع أنوثتها كوسيلة إنتاج وتسويق طالما هي تحتفظ بأنوثتها، إما إذا ذهبت نضارتها فليس لها من يسأل عنها، وإذا كانت المرأة لا تجني غالباً إلا من شبابها وجمالها فإنها معرضة للضياع أكثر إذا كبرت، حيث ستفقد الجمال بعد أن كانت فاقدة للقوة والعضلات المفتولة، والقدرة العالية على العمل المجهد أن المساواة لا تعني ابداً إغفال الفوارق العضوية والطبيعية بين الرجل والمرأة. فهذه الفوارق ليست فوارق ناتجة عن الظلم بل ناتجة عن حاجة البشرية إلى التكامل الذي يستند إلى التزاوج.

إننا عندما نتعامل مع المرأة على أساس المساواة فإن الظلم سيصيبها وكذلك الرجل، فحيث هناك مكاسب للرجل ينبغي أن تكون حقاً مشروعاً للمرأة، كذلك هناك مكاسب للمرأة ينبغي أن تكون حقاً مشروعاً للرجل. فهل هذا هو غاية المساواة؟ هناك أموراً متوفرة للرجال لا يمكن للمرأة القيام بها والعكس صحيح، فهل تعني المساواة أن يلبس الرجال حلقات الأذن، وحمالات الأثداء. وإجراء عمليات جراحية لاستبدال الطبيعة الجنسية؟ أو يعني ذلك أن تجعل المرأة لنفسها شاربان ولحية؟ إن الأمر يبدو في منتهى السخرية حيث يجرنا هذا إلى إن يأخذ الرجل مستحضراً لتنعيم صوته وتأخذ المرأة شيئاً مثيلاً لتجعل من صوتها الحنون صوتاً خشناً.. ثم لا تنتهي المهزلة.

أما إذا أردنا أن نعيد للأمور نصابها فعلينا أن نعطي للأنوثة حصتها لتتعزز الأنوثة وتأخذ دورها الأنثوي، ونعطي للرجولة حقها لتتعزز رجولته ودوره الرجولي، وإن مثل هذا التصويب ليس من المساواة في شي‏ء، حيث تنعدم قيمة المساواة هنا.

لتحل محلها العدالة التي تمتلك كل القيمة ففي العدالة لا تفترض المساواة، بل المفترض إعطاء كل شي‏ء ما يناسبه وهذا نظر الإسلام حيث يقرر أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام منذ أربعة عشر قرناً طبيعة المرأة وطبيعة الرجل بقوله "المرأة ريحانة لا قهرمانة".

نعم إن الإسلام ينظر إلى المرأة والرجل بمنظار واحد من خلال جوهرهما الإنساني فيقول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير(الحجرات/13).
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (الأعراف/ 189).
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (النحل/ 97).
وإني لأعتقد بأن الشعوب الغربية كانت جادة وصادقة في سعيها للتخلص من الفوارق الظالمة بين المرأة والرجل ولكن هذه الدعوة كان عليها أن تهدف إلى إلغاء الفوارق الإنسانية لا الفوارق العضوية والطبيعية لأن منشأ الفوارق الظالمة هو منشأ إنساني وحسب.

* ما معنى الحرية
مما لا شك فيه أن الغرب نادى بالحرية مقابل الاستبداد والظلم الذي كانت المرأة تتعذب وتحتقر تحت وطأته، ولم يكن المقصود هو الحرية المطلقة من كل شي‏ء إذ أن الحرية بالمعنى المطلق حرية القتل وحرية الانتحار وحرية رفض المشاركة الاجتماعية، وحرية الانطواء على الذات، وعدم السعي لمعالجة المرض،  وحرية تبديد الثروة، وحرية الجهل وحرية إنزال مستوى الإنسان إلى مستوى الحيوان، وحرية رفض التحضر ورفض التقدم، ورفض العلم... وو. ومن المؤكد أن مثل هذه المعاني للحرية ليس هو المقصود آنذاك، ويعني أن دافع الشعوب نحو الحرية وحرية المرأة كان صحيحاً،  إلا أن اليأس من الكنيسة في تحرير المرأة هو الذي دفع الغرب إلى رفض الدين وشيئاً فشيئاً إلى الانحدار إلى معنى منحط ومتخلف للحرية.
وهذا يعني أن تحييد الدين أفقد الفكر ميزانه أو ضوابطه فراح الجميع يأخذ بتلابيب الحرية ليجعلها على مقدار مصالحه الذاتية.

إما إذا كانت الحرية تعني أن تأخذ المرأة حقها بالعمل وتجميع الثروة وحملها فهذا ما يقره الإسلام، وإذا كانت الحرية تعني أن يكون لها في بيت زوجها كرامة واحترام ومكانة فهذا ما عمل لأجله الإسلام، حيث كانت ؟؟؟ وكانت تحتقر وتعامل أحياناً كالماشية أو كالعبدة المملوكة، أو العار الذي لا بد منه.

أما ما بلغته المرأة من الحرية في الابتذال والمشاعية والإغراء لم يكن إلا بمقدار كونه فرصة جديدة فضلى لاستغلالها من قبل الرجل.
والحقيقة أن الغرب خلص المرأة من عذابات الاستعباد ليدفع بها في متاهة الضياع والدخول في المجهول. إذ ماذا جنت المرأة من كرامة في هذا الميدان حينما أصبحت العوبة بيد الرجال.

إن رحلة الحرية اليوم هي أعمق من ذلك بكثير حيث أن ملايين الشعوب من رجال ونساء تستعبد على حد سواء من قبل حكومات ظالمة ومستكبرة مستغلة ثروات هذه الشعوب ومستغلة لضعفها، بهدف تحسين الأوضاع المعيشية لشعوبهم.

وإن ملايين الأطنان من الأسحلة الذرية والجرثومية تصنع وتخزن بهدف تهديد هذه الشعوب والفتك بها إذا ما حاولت التحرر.

إن حرية الإنسان هي الآن في خطر، وإن مساواة الشعوب ببعضها ينبغي أن يصبح هو الهدف. فهل يا ترى يعمل العالم لهذا الهدف، وهل بقي للشعوب بالأمم المتحدة المدعية للسلام وحماية حقوق الإنسان ثقة تذكر؟

لقد بدأ العالم على أبواب القرن الواحد والعشرين يترنح تحت وطأة الشعارات الجوفاء، وأصبحت الأمم والشعوب أكثر تضجراً من فقدانه المصداقية، وأقل أحلاماً بالخلاص طالما لم يتعزز الشعور بالعدل والكرامة والأمن، في ظل تحفز شديد للنزاع والسيطرة والاستقواء على الضعفاء.

إن شعار الدول الكبرى اليوم وعلى رأسها أمريكا هو الحق كل الحق أن تأكل السمكة الكبيرة صغار السمك.
وهكذا تترجم الدول الكبرى حريتها، وتغفل عن المساواة المدعاة من دون أدنى خجل.

فأين حرية الإنسان وحقه بالمساواة؟!.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع