نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قضايا معاصرة: سينما تشوّه حياة الأنبياء

وئام أحمد(*)

وجدت السينما العالمية منذ مهدها في حياة الأنبياء مادةً دراميةً ثريّة، تحوّلت إلى أعمال سينمائيّة. فلم تكن أفلاماً دينية بحتة، بل تحمل قِيَماً تاريخيّة وموجهة، تعتبرها السينما الهوليوودية اللغة الأساسية في مخاطبة وجدان الشعوب، وخاصّة من الناحية الدينية، فحرصت على تقديمها بأبهى حلّة ممكنة، من الناحيتين التقنيّة والإخراجيّة.

*الوصايا العشر
كان بعض هذه الأفلام يعتبر من كلاسيكيّات السينما العالميّة، حيث نال جوائز "الأوسكار". وأشهر هذه الأفلام على الإطلاق هو فيلم "الوصايا العشر" من إخراج سيسيل دي ميل والذي قدّمه مرّتين، الأولى عام 1924 من بطولة شارلتون هيستون وأعاد تقديمه عام 1956. كما قدمت السينما العالمية عن النبي موسى عليه السلام فيلماً آخر هو "أمير من مصر" والذي ادّعى لأول مرة أن رمسيس الثاني هو فرعون الخروج. ثم فيلم "موسى" عام 1975، وفيلم "The Bible" أو "الإنجيل" عن حياة سيّدنا إبراهيم عليه السلام.

وقد اختار معهد الفيلم الأمريكي "الوصايا العشر" بين أفضل 10 أفلام دينيّة ملحميّة في تاريخ السينما العالميّة، ومعه أيضاً أفلام "شمشون ودليلة" وكان أيضاً من إخراج "سيسيل دي ميل" و"ملك الملوك" ويحكي عن معجزات السيد المسيح عليه السلام، بـطولـة جيفري هانتر و"بن هور" بطولة شارلتون هستون وإخراج وليم وايلر، و"الرداء" و"إسبارتكوس" بطولة كيرك دوجلاس، و"كوفاديس" بطولة روبرت تايلور، وإليزابيث تايلور و"سليمان وملكة سبأ" بطولة تايرون باور، و"المصارع" من إخراج ريدلي سكوت عام 1999. وفي الثلاثينيات برز العديد من الأفلام التي ظهر فيها أنبياء مثل: "أغنية المهد"، و"جحيم دانتي"، و"حديقة الله"، و"الضوء الأخضر"، و"أبناء المدينة".

*الهدف تشويه صورة الأنبياء
إنّ كل هذه الأفلام جاءت تروي للعالم قصة الأنبياء كما يراها أصحاب الغرف السوداء، لأنّ الهدف من تناول الموضوع الديني، وخاصة "الأنبياء"، ليس التبشير بهذه الديانات التي يتبع لها هؤلاء الأنبياء، بل لتشويه صورتهم بطريقة سينمائيّة باهرة، ونحن كما نعلم أن الأنبياء هم بشر معصومون عن الخطأ، وبالتالي هم منزّهون عن ارتكاب الهفوات البشريّة الماديّة، ولكن نرى في هذه الأفلام أن النبي هو إنسان يمضي وراء شهواته ونزواته متسلّحاً بالسلطة التي يمتلكها باسم الرب. وإن تجسيد ممثلين مشهورين لهذه الشخصيّات هو من أجل إضعاف شخصيّة النبي مقابل الممثل ولجعل المشاهد يتقبّل الصورة التي تُقدّم النبي، كما هي، انطلاقاً من الممثل الذي يجسد هذا الدور.

*شخصيّة يوحنّا المعمدان
تعدُّ شخصية يوحنّا المعمدان "نبيّ الله يحيى" من أكثر الشخصيّات الدينيّة ظهوراً في السينما في أفلام سالومي (1918) وسالومي (1953)، وملك الملوك (1961)، وسيمون الصياد (1959)، وسالومي (1974)، والإغواء الأخير للمسيح، كما ظهر فى العشرينيات في فيلم "سفينة نوح". ولا ننسى فيلم الرسوم المتحركة الشهير "محمد خاتم الأنبياء" من إخراج الإنجليزي "ريتشارد ريتش".

*في السينما العالمية ثلاثون فيلماً عن المسيح عليه السلام
وإن شــخصـيّـة السيّد المسيح هي أكثر الشخصيات التي أثارت اهتمام صنّاع السينما العالمية بمختلف اتجاهاتهم، وأكثر الشخصيّات التي تمّ تناولها، حيث أُنتج أكثر من 325 فيلماً تناولت شخصية السيّد المسيح بمختلف لغات وبلدان العالم، وتحتفظ ذاكرة السينما العالمية منها بحوالي 30 فيلماً فقط.

كان أوّل هذه الأفلام عام 1906 بإنتاج السينما الفرنسية لفيلم "La Vie du Christ" أو حياة وآلام المسيح، ولكن البداية الحقيقية كانت عام 1912 بفيلم "From the Manager to the Cross" الذي أخرجه "Sidney Olcott" تلاه عدد من الأفلام. أما أهم الأفلام التي أثارت حفيظة الكنيسة في أنحاء العالم كانت أفلام "The Messiah" أو المسيح عام 1975 و"The Last Temptation of Christ" الإغواء الأخير للمسيح لمارتن سكورسيزي عام 1988 وأخيراً "Jesus Christ Vampire Hunter" يسوع المسيح مصّاص الدماء عام 2001.

*أفلام تحكي عن النبي موسى عليه السلام
ومن المقرّر أن يتمّ عرض فيلم أجنبي آخر يتناول حياة سيّدنا موسى في نهاية 2014. ويحمل الفيلم عنوان "Exodus" أو "الخروج من مصر" من إخراج البريطاني "ريدلي سكوت"، وبطولة كريستيان بيل، مجسداً دور موسى عليه السلام، بينما يجسد "جويل أدجرتون" دور الفرعون المصري "رمسيس الثاني". ويشارك في الفيلم الممثل السوري غسان مسعود، حيث يجسد دور أحد مستشاري الملك سيتي الأول، والذي يعطيه نصائح كثيرة في كيفية إدارة شؤون البلاد والتعامل مع الأزمات التي تواجهه...

*فيلم "نوح" الأضخم إنتاجاً
أما العام المقبل فيشهد ميلاد عدد آخر من الأفلام التي تتناول قصص الأنبياء أو تتعرّض للأديان السماويّة.

ويبقى فيلم "نوح" الأضخم إنتاجاً بين السلسلة الجديدة، والذي من المتوقّع له أن يتصدّر شبّاك التذاكر بعد إنفاق عشرات الملايين على هذا العمل. أما الفيلم الثاني الذى سيعرض قريباً فهو فيلم "الخروج من مصر"، ثم فيلم "آلهة وملوك" أو "Gods and Kings" الذي يروي سيرة النبي موسى عليه السلام، بدءاً من إبحاره في النهر، وهو رضيع، مروراً بتبنّي فرعون له إلى أن تنتهي القصّة بهلاك فرعون وجنوده في عرض البحر.

*الهدف كسْر مقدّساتنا
يبقى أن نقول: إن الغرب يعمل على صناعة تاريخنا الديني انطلاقاً من رؤيته المشوهة من أجل أن يكسر المقدّسات في عقيدتنا، ولننساق أمام الرؤية التي يقدّمها، وإن الذريعة التي يقدّمها من أن ما يعرضه من قصص مبني على أساس الكتب السماوية هي افتراء، لأن الكتب الدينيّة القديمة قد تعرّضت للتحريف والوحيد الذي سلم من ذلك هو "القرآن الكريم" وليس من مصلحته الاعتماد عليه كما حرصت السينما الإيرانية على ذلك، وهذا ما سنوضحه في المقالة القادمة بإذن الله.


(*) مدير قسم الدراما في الجمعية اللبنانية للفنون (رسالات).

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع