نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: وهو خير الفاصلين


السيد علي عباس الموسوي

الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي في الاجتماع الإنساني، ولا يمكن حتّى في الأسرة الواحدة أن تتطابق تماماً، بل من الطبيعيّ أن ينشأ الاختلاف، سواء أكان ذلك في تحليل الظواهر والأحداث أو في اتخاذ المواقف والقرارات.

والإسلام الذي يقرّ هذا الاختلاف ويعترف به كأمر طبيعي، يرى أنّ المفصل الذي لا بد وأن يحكم هذا الاختلاف هو الحقّ، وهذا الحق يتمثَّل في أن يكون الفرد الإنساني معتمداً على البينة والبرهان والدليل فيما يؤمن به من اعتقاد أو يقوم به من فعل.
والثلاثية التي يدعو الإسلام إليها في رسمه للتعامل الصحيح واللازم مع حالات الاختلاف هي:

أولاً: اتّباع الحق، بمعنى اتّباع ما تراه حقاً. وسبيل الوصول لرؤية الحق أن تتّبع البيّنة، وتسير على طبق ما تمليه عليك، أي الدليل والبرهان، ولذا كان الأساس في إيمان الإنسان أن ينطلق من البرهان والدليل المقنع للعقل بالحق.

ثانياً: عدم الاعتناء بالمكذبين، ففي مقابل ما تراه أنت، ثمّة من يرى رأياً آخر. ولا شك في أنه سوف يكذِّبك في رأيك ويرى أنك على باطل، بل قد تواجه حرباً نفسيةً في مقابل ما تراه. وقد تتخذ هذه الحرب أشكالاً مختلفة فتتحول حرباً إعلامية واتهاماً شخصياً يوصف الإنسان به بشتّى الصفات المسيئة، كما فعل كفّار الجاهلية مع النبي الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام.
ومواجهة ذلك، لا بد وأن تكون بالتمسّك بالحقّ والإصرار عليه، واللامبالاة إزاء ما يقوم به هؤلاء الخصوم وما يعتمدونه من وسائل وطرق.

ثالثاً: إيكال الأمر إلى الله عز وجل، بمعنى أن تواجه خصومك بالتحاكم إلى الحكم الفصل الذي يضع الأمور في مواضعها. وهذا الأمر يعكس ثقة تامة بأنّ الحق الذي تسير عليه معتمداً الدليل والبرهان، هو بيد الله عزّ وجل. فمن يخاف إيكال الأمر إلى الحكم الفصل، هو الذي لا يعيش حالة الاطمئنان والثقة بما يعتقده حقاً.

لا شك في أنّ هذا هو المنهج الذي ينبغي اعتماده من قبل الأفراد والمجتمعات، فعندما نقوم كمجتمع مؤمن ملتزم بالعمل بما نرى أنه الحق، وحيث إنّنا نعتمد في ذلك على الدليل والبرهان، فعلينا أن نبقى على ثباتنا في هذا الموقف، وعلينا أيضاً أن لا نتأثّر بما يشنّه الخصوم مهما كانت أشكال حربهم التي يخوضونها، ومهما اشتدت شراستها، كما أنّ علينا أن نوكل الأمر إلى الله عزّ وجل. ما يعزِّز ثقتنا بأننا بالفعل على الحق، وأنّ كل ما نتحمّله في سبيل ما نرى أنّه الحق هو بيد الله، وهو الذي له وحده الأمر الفصل. وبهذا نكون مصداقاً لخطاب الأنبياء عليهم السلام الذي جاء به القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (الأنعام: 57).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع