نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مجتمع: ثقل المدرسة...على ظهري!

تحقيق: نبيلة حمزي

ما أجمل أن نشاهد في الصباح الباكر مجموعة الطلاّب الذين يحملون حقائبهم وينطلقون بفرح إلى المدرسة. ولكن، للأسف فهذه الحقيبة الجميلة، التي تحمل علمَ وثقافة أجيال المستقبل هي نفسها تشكّل عبئاً على صحّتهم. الحقيبة المدرسية الثقيلة وتأثيراتها الصحيّة على الطلاب، والنصائح التربويّة والطبيّة لتجنب هذه التأثيرات نناقشها في هذا التحقيق. لا بد من الإشارة إلى أننا قمنا بوزن عدد كبير من الحقائب المدرسية قبل البدء بهذا التحقيق فكان المعدل الوسطي لوزنها هو 5 كلغ، مع العلم أن بعض الطلاب يذهبون الى المدرسة سيراً على الأقدام.

*تجارب... والنتيجة نفسها

تقول الطالبة (نور الهدى. م) إنّ معاناتها مع وزن الحقيبة المدرسيّة الثقيل بدأت منذ دخولها المرحلة الثانوية حيث ازداد عدد المواد في المدرسة، وكونها تذهب إلى المدرسة سيراً على الأقدام صارت تعاني آلاماً شديدة في ظهرها أدّت إلى الذهاب للطبيب للمعالجة.

بدوره الحاج (خضر. ع) شرح معاناة أولاده مع الحقيبة المدرسية، إذ يعودون كل يوم إلى المنزل وعلامات التّعب بادية على وجوههم. وهذه المعاناة دفعته إلى حملِ حقائبهم بشكل يومي وإيصالها إلى الحافلة صباحاً كي يخفّف الحمل عنهم.

من جهتها الطالبة الجامعية (زهراء. ف) قالت إنها اضطرت إلى توزيع الكتب التي تحملها، فأصبحت تحمل نصفها في الحقيبة المدرسية والنصف الآخر بيدها.

*الحقيبة المدرسيّة... أثقل

أثبتت الدراسات مؤخّراً أنّ المشاكل الناتجة عن الحقيبة المدرسيّة ظهرت إلى الواجهة التربويّة والطبيّة في السنوات الخمس الأخيرة، وهذا يعود لأسباب عدّة أوضحتها المختصّة التربويّة عطاف كريّم قائلة: "إن ما يحصل من تقليد للمناهج الغربية لا يصلح لسياساتنا التربوية لأننا نقوم باستنساخ المناهج كما هي، ونضيع بين الكتب التي تعتبر مراجع في الدول الغربية والكتب المعدّة لتدريس الطلاب، وهذا سببه غياب السياسة التربويّة الموحدة لضبط هذه الأمور".

وأضافت السيدة كريّم: "إن اقتباس المناهج التربويّة أدى إلى زيادة عدد الكتب وبالتالي الدفاتر التابعة لها، إضافة إلى زيادة عدد ساعات التدريس". هذه الحالة وبحسب المختصّة كريّم، أدّت إلى تسابق دور النشر في طباعة الكتب، فعملية التسويق تعتمد على جودة الكتاب عن طريق استخدام الغلاف والأوراق الثقيلة. والفرق بيننا وبين دور النشر الغربية أنها تعمل على جودة الطباعة وتخفيف وزن الأغلفة والأوراق، وبما أن السوق الاستهلاكي حلقة متكاملة، عمل صانعو الحقائب المدرسية على صناعة أنواع تتناسب مع متطلبات المناهج الجديدة. ولا ننسى أن التنافس التجاري يدفعهم إلى تصنيع حقائب بتصاميم مختلفة وملفتة للطالب ما يستدعى أن تزود الحقيبة بتوابع أخرى.


*وزن... وقت... وطريقة

شدّد الدكتور هادي ياسين، (متخصّص في جراحة العظم) على أنّ وزن الحقيبة المدرسية أولاً، والمدّة التي يحملها الطالب لها ثانياً، والطريقة التي تُحمل بها ثالثاً، كلها عوامل تؤدّي إلى إصابة الطالب بآلام في الظهر.

فكلما زاد وقت حمل الطالب للحقيبة زادت نسبة تعرّضه لمشاكل في ظهره. أما عن طريقة حمل الحقيبة بطريقة خاطئة، بسبب عدم توزّع الثّقل بشكل متوازن إضافة إلى ضغط ثقل الحقيبة، فهذا كله يؤدي إلى انحناء العمود الفقري أضف إلى ذلك الآلام في مختلف أنحاء الظهر.


*دائرة الحلول التربوية

تشدّد الاختصاصيّة كريّم على أنّ دائرة الحلول تقع على عاتق جهات ثلاث: الأهل، والمدرسة ودور النشر، وأكدت أن السياسات التربوية العامة تلعب دوراً هاماً في إيجاد حلول لهذه المسألة عن طريق توحيد الرؤية التربويّة مشيرة إلى أنّ المسؤولية التربوية تتوزع بين عدة دوائر وإدارات رسمية ويجب أن تنطلق من:
1 - دراسة الواقع.
2 - قدرات الطالب الذهنية والجسدية.
3 - خصائص نموّه عند تعديل وتجديد المناهج التعليمية.


*أما عن دور هذه الجهات ومسؤولياتها

أ - دور الأهل: يعتبر دور الأهل أساسياً، في هذا الصدد، فكما يسأل الأهل عن اسم المدرسة، والنظافة، والتدفئة والمدرسين... عليهم أن يسألوا عن المنهج المتّبع في المدرسة التي سينتسب إليها أبناؤهم. ولا ننسى دور لجان الأهل في تفعيل هذه المهمة، لأن باستطاعتهم بكل ثقة، أن يفرضوا على المدرسة ما هو مناسب لصحّة ومستقبل أولادهم.
ب - دور المدرسة: ومع غياب السياسة التربوية العامة يأتي دور المدرسة في تهيئة أماكن لحفظ الكتب، وإرسال الفروض المدرسية إلى المنزل على أوراق مع الطالب.
ج - دور النشر: إن كان لا بد من التدريس عن طريق حمل الكتب من وإلى المدرسة، فعلى المدرسة أن تفرض على دور النشر تجزئة الكتب إلى أجزاء ليتم التّدريس فيها بشكل متتالٍ.

كما تقع على عاتق المدرسة ضرورة تأمين المياه الصالحة للشرب، وكذلك توفير الطعام بأسعار مناسبة فيها، ما يعفي الطالب من حمل طعامه ومياهه بشكل يومي داخل الحقيبة.


*حقيبتي... كيف أحملها؟

بما أن مشكلة الحقيبة المدرسية الثقيلة تحتاج إلى استراتجيات وتخطيط قد يطول العمل للوصول إليها لا بد من حلول سريعة تساعد في المعالجة وفي التخفيف من تأثيراتها. وفي هذه المسألة يرى الدكتور ياسين أنه لا بد من الانتقال من مرحلة مساعدة الأهل أبناءهم في إيصال الحقيبة إلى الحافلة أو إلى المدرسة، إلى مرحلة تطوير نوعيّة الحقيبة المحمولة، وذلك من خلال جعلها تتناسب ومستوى ظهر الطالب بحيث توزّع الثقل بشكل متوازن.

وأكّد د. ياسين أنّ لجوء بعض الطلاّب إلى حقيبة الكتف للتخلص من أوجاع الظهر، ليس حلاً.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع