نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أدب ولغة: كشكول الأدب

إبراهيم منصور*


*قصّة وعِبْرة
"الظلمُ أصل كلّ خراب"
أَرِقَ أحدُ الملوك ذات ليلة، فاستدعى من يُسامره ويحدِّثُه، فكان في ما حدَّثه به أن قال: "رأيت أن بالموصل بُومةً وبالبصرة بُومة، فخطبَتْ بومةُ الموصل إلى بومة البصرة بنتَها لابنِها. فقالت بومة البصرة: لا أفعلُ، إلّا أن تجعلي لي صَداقَها مائة ضيعة خَراب.
فقالت بومة الموصل: لا أقدر على ذلك الآن، ولكنْ إنْ دام والينا، سلَّمه الله، علينا سنة واحدة فعلتُ ذلك لكِ".
وعندما أنهى الملك سرد منامه انتبه.. وقد فهم العِبْرة.. وراح يتفقَّد أمورَ الولاة.

*من أمثال العرب
"لا، حتّى يرجعَ نشيطٌ من مَرْو"
ونشيط: اسم رجل بنى لزياد بن أبيه داراً بالبصرة، فهرب إلى مَرْوَ قبل إتمام الدار، فكان زياد كلَّما قيل له: تمِّمْ دارَك، يقول: لا، حتى يرجع نشيطٌ من مَرْو. فلم يرجع نشيط، فصار هذا القول مثلاً تتناقلُه العرب.


*من أصدق الدعاء
"لا يَفْضُضِ اللهُ فاك".
أي لا يكسرْ أسنانك أو يُسْقطْها. وفي الحديث: سار النابغة الجَعْدي على رأس قبيلته فقدَّم خضوعه للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وأنشده قصيدته الرائيَّة، فدعا له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قائلاً: "لا يَفْضُضِ اللهُ فاك"1، فعاش النابغة مائة وعشرين سنة لم تسقط له سنٌّ واحدة!

*من أجمل الاستعارة والتشبيه
"المَضْمَضَةُ": تحريك الماء في الفم، وتمَضْمَضَ الرجل في وضوئه: حرَّك الماء في فمه ثمَّ ألقى به من غير ابتلاع. وقد استُعيرت المضمضةُ للنوم فقيل: ما مَضْمَضَتْ عيني بنوم، أي ما نامت. وقد توسّل الإمام عليّ عليه السلام استعارةً وتشبيهاً، في هذا المجال، فقال: "ولا تذوقوا النومَ إلَّا غِراراً أو مَضْمَضَةً"2، فقد استعار للنوم ذوقاً وأمَرهم أن لا ينالوا منه إلّا بألسنتهم ولا يُسيغوه، فشبَّهه بالمضمضة بالماء وإلقائه من الفم من غير ابتلاع.

*من أجمل الشعر
أبيات من عيون الشعر العربي قالها الشاعر المُبْدِع بولس سلامة في الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام، ومنها:

 يابْنَ بنتِ الرسولِ أنبلَ مَنْ

 جاءَ البرايا وأطلَعَ المشرِقانِ

 أعرَضَتْ عن سناءِ وجهكَ زوجٌ

 ويُباهي بِلَثْمِكَ القَمَرانِ

 حَسَنٌ آيةُ الشبابِ رَواءً

 في بهاء النُّضارِ والمرجان

 كجلالِ المغيبِ في الأزرقِ

 الساجي ودَفْقِ الصباحِ من لبنانِ

 سيِّدُ القائمينَ في رُقعةِ الغبراء

 حُسْناً وسيِّدٌ في الجِنانِ

 وأخوهُ الحسينُ أيُّ ملاكٍ

 يتمشَّى في بُرْدَتَيْ إنسانِ؟!3


*من جذور الكلام
"الرَّقيع"؛ هو الأحمق الذي يتمزَّق عليه عقلُه، يُقال: رَقُعَ رُقاعةً فهو رقيعٌ وأرقع؛ وقد سُمِّي بعضهم رقيعاً لأنّ عقله قد أَخْلَقَ واهترأ فحدثت فيه ثقوب وخُروق واحتاج إلى أن يُرْقَعَ، على التشبيه بالثوب المثقَّب الذي يحتاج إلى ترقيع.

 

*فائدة لغويّة
"دَلَعَ"؛ تقول العرب: دَلَعَ الرجلُ لسانه يدلَعُه دَلْعاً، وأَدلَعَهُ: أخرجه، وأدلَعَه العطشُ، ودَلَعَ اللسانُ نفسُه دُلوعاً واندفع: خرج من الفم واسترخى، ومن هنا يقال: اندلعتِ النيران، أي خرجَتْ كالألسنة الحمراء.

*من أجمل شِعْر الهجاء
ما جاءَ من تَهَاجٍ بين الشاعر الراعي النُّميريّ وبين ابن الرِّقاع، إذ قال الراعي:

 لو كنتَ مِنْ أحدٍ يُهجَى هَجَوْتُكُمُ

 

 

 يابْنَ الرِّقاعِ ولكنْ لَسْتَ من أحدِ


الرِّقاعِ: جمع رقيع، وهو الأحمق. فردَّ عليه ابن الرِّقاع بقوله:

 


 حُدِّثْتُ أنّ رُوَيْعي الإبل يشتمني

 

 

 واللهُ يصرفُ أقواماً عن الرَّشَدِ

 فإنَّكَ والشِّعْرَ إذ تُزْجي قوافيَه

 

 

 كَمُبْتَغِي الصيدِ في عِرِّيسة الأسدِ

 


رُوَيْعي:
تصغير راعٍ احتقاراً، فقد حقَّره وقال له: إنَّك عندما تهجوني كأنَّكَ تبتغي الصيدَ في عَرينِ الأسدِ!


*من الأضداد

"قَسَطَ"؛ يُقال: قَسَطَ يَقسِطُ فهو قاسط إذا جار ولم يعدِلْ، ومنه حديث الإمام علي عليه السلام: "أُمِرْتُ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين"؛ الناكثون: أهل الجمل لأنهم نكثوا بيعتهم، والقاسطون: أهل صِفّين لأنهم جاروا في الحكم وبَغَوْا عليه، والمارقون: الخوارج لأنّهم مَرَقُوا من الدين كما يمرُقُ السهمُ من الرميَّة.
وقد يجيء فعل قَسَطَ بمعنى عدَلَ، فالقِسْطُ هو العدلُ مرَّةً والجَوْرُ مرَّةً، فهو من الأضداد. أمَّا فعل أَقْسَطَ يُقْسِطُ فهو مُقْسِطٌ فبمعنى عَدَلَ، ومن أسماء الله الحسنى المُقْسِطُ: هو العادل 4.

*من الثنائيّات
"الأخشبان"؛ هما جبلان يُشرفان على مكّة، الأوَّل اسمه أبو قُبَيْس، والآخر هو الأحمر، وهو جبلٌ مُشْرِفٌ وجهُه على قُعَيْقِعان؛ وقد جاء في الحديث: "لا تزول مكَّةُ حتى يزولَ أخشباها"، أي جبلاها. وفي الحديث أن جبريل عليه السلام قال: "يا محمَّد، جمعتُ عليهم الأخشبَيْن، أي أهلكتُ كفّار مكّة، فقال صلى الله عليه وآله وسلّم: دَعْني أُنذرْ قومي". وجزاه الله خيراً على رِفقه بأمَّته ونُصحه لهم وإشفاقه عليهم5.


*عاميّ أصله فصيح
"نَحَّطَ"؛ نقول بالعامية: نَحَّطَ فلان، أي تنفَّس بصعوبة وهو تحت وطأة حِمْلٍ ثقيل. وأصل الفعل: نَحَطَ يَنْحِطُ نَحْطاً، والنَّحْطُ: شبه الزفير، وقيل: هو الزفير، والنحيط: صوتٌ معه توجُّع، وهو شبيه بالسُّعال، والنحيطُ والنَّحْطُ: صوت الخيل من الثِّقْل والإعياء.


*من غريب اللغة
"الحِدْبارُ"؛ ومعناها: الدابّة العَجْفاء الظَّهْر، والحِدْبارُ من النوق: الضامرة التي قد يبس لحمُها من الهُزال؛ وفي حديث الإمام علي عليه السلام في الاستسقاء6: "اللهمَّ إنّا خرجنا إليك حين اعتَكَرَتْ علينا حدابيرُ السنين"، الحَدابيرُ: جمع حِدْبار وهو الناقة التي بدا عظمُها من الهُزال، فشبّه بها السنين التي كثُرَ فيها الجدْبُ والقحط"7.


* عضو اتحاد الكتاب اللبنانيّين.
1- الأمالي، الشريف المرتضى، ص192.
2- نهج البلاغة، وصية (11).
3- عليّ والحسين في الشعر المسيحي، ص169.
4- م.ن، ج7، ص377.
5- م.ن، ج1، ص354.
6- نهج البلاغة، خطبة 115.
7- لسان العرب، م.س، ج4، ص175، مادة حدبر.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع